رئيس التحرير
عصام كامل

وإن تنصروا الله ينصركم


الدنيا دار الابتلاء والمحن وأرض الصراع بين أهل الخير -عباد الله المؤمنين الذين يحرصون على إقامة العدل الإلهي في الأرض وعمارتها ونشر الرحمة والسلام بين ربوعها- وأهل الشر أصحاب الأطماع والإفساد في الأرض، صراع بين أهل الحق وأهل الباطل وأحيانًا يعلو صوت أهل الباطل وتعلو رايتهم، ولكن مهما طال الليل لابد من رحيله وظهور النهار، ومهما ساد الباطل لابد من ظهور الحق لأن الباطل كان زهوقًا، لا أصل له ولا أساس ولا ناصر له ولا معين، ومهما سيطرت وهيمنت قوى الشر لابد من نهايتها وزوالها، فالله تعالى هو الحق وناصره وهو الممد لأهله والمؤيد لهم، ولقد شاهدنا ذلك على مر التاريخ منذ أن وجد البشر على الأرض..


فكم من أهل باطل علت أصواتهم ورفعت راياتهم وتحكموا في الخلق وهيمنوا على الأرض وملأوها ظلمًا وجورًا وتوهموا أنهم خالدون وأن باطلهم باق ولن يزول، وجاء الحق فأسقط رايتهم وأزال باطلهم وأصبحوا عبرة وذكرى سيئة مطوية في مزابل سجلات التاريخ، هذا ومعلوم أن صوت الباطل لا يعلو ولا ترفع رايته إلا عندما يغيب أهل الحق أو يضعفوا بابتعادهم عن منهج الحق سبحانه وتعالى، والذي هو مصدر القوة والمدد وسبب التأييد منه سبحانه والنصرة، ولقد وعد الحق سبحانه بنصر من ينصره، أي من ينصر دينه وشريعته ويرفع رايته في كتابه الكريم في آيات كثيرة منها قوله عز وجل: "ولينصرن الله من ينصره"، وقوله تعالى: "وإن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم، وقوله سبحانه: "وكان حقًا علينا نصر المؤمنين"، وقوله تبارك في علاه: "وما النصر إلا من عند الله"، وغير ذلك من الآيات الكثيرة..

من هنا نعلم سبب علو صوت الباطل ورفعة رايته الآن وهيمنة أهل الشر والباطل، أمريكا والصهاينة الملاعين وأعوانهم من الخونة والمتآمرين من أصحاب الأطماع والمصالح على أمتنا العربية والإسلامية، وهو ضعف إيماننا وتفرقنا وحبنا للدنيا وتخاذلنا في نصرة الحق، مخافة الموت وإعراضنا عن منهج شريعتنا الغراء، وهدي نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم القويم، نعم هذه هي الحقيقة لقد ابتعدنا كثيرًا عن تعاليم ديننا الحنيف وامتلأت قلوبنا بحب الدنيا فتكالبنا عليها وتصارعنا من أجلها، وانقدنا خلف الأهواء والشهوات وأسقطنا فريضة الجهاد المشروع مخافة الموت، وهان علينا أمر الله فسلط علينا أعداءنا وأصبحنا لا حول لنا ولا قوة، وأصبحنا لا نملك القدرة على مواجهة أهل الشر والباطل الذين أحاطوا بنا من كل جانب، وصار حالنا كما أخبر الصادق المصدوق صلوات ربي وتسليماته عليه حين قال:

"كيف أنتم يوم أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها، قالوا : أو عن قلة نحن يومئذ يارسول الله، قال: بل أنتم كثرة يومئذ ولكن كغثاء السيل، أي متفرقين، وأصابكم الوهن، حب الدنيا ومخافة الموت".

هذا ومما يؤلم ويحزن أن حكامنا لا يستمعون لصوت العقل الذي نادى منذ أربع سنوات بالتوحد وبناء جيش عربي موحد يستطيع أن يواجه قوى الشر المتآمرة والمتكالبة علينا، وكان هذا الصوت هو صوت بطل مصر وحاميها البطل المؤمن بحق والذي لا يخشى في الله لومة لائم، الرئيس عبد الفتاح السيسي، والذي يواجه هو وجيش وشرطة مصر والشعب المصري الحر أشرس حرب ضد قوى الشر والباطل، يا سادة إن أردتم بصدق أن تستعيدوا قوتكم وتستردوا عزكم ومجدكم عودوا إلى منهج ربكم وهدي نبيكم عليه الصلاة والسلام، وألقوا بحب الدنيا من قلوبكم وانصروا دين الله ودافعوا عن مقدساتكم، ويا حكام العرب والمسلمون أدوا أمانة الله في شعوبكم بإقامة العدل واجتناب الظلم وعدم الاستئثار بخيرات بلادكم وترك الشعوب تعاني من الفقر والجهل والمرض، واستعموا لصوت العقل الرجل الذي يريد أن يصنع منكم أمة حرة قوية لها عزة ومجد وصاحبة قرار الرئيس السيسي، وفي الختام أذكركم بقوله تعالى: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
الجريدة الرسمية