رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

السيسي وقرار مجلس الأمن والمساطيل!


فجأة.. وما أن نشر مقال أمس الأول هنا على ذات المساحة -والذي ينشر قبلها بساعات على صفحتنا على موقع "فيس بوك" كخدمة لمتابعي الموقع الاجتماعي الأكثر شعبية سمحت بها مشكورة إدارة "فيتو"- إلا ووجدنا عددًا من التعليقات المدهشة.. كان المقال بعنوان "مصر تحاصر أمريكا بمجلس الأمن" وكانت التعليقات المدهشة تردد معلومة غريبة مفادها أنه ليس من حق أمريكا التصويت على القرار لأنه ضدها! وبالطبع تركنا التعليقات دون أي رد لأننا قلنا تحدثنا وبشكل واضح في المقال نفسه ولا يصح تكراره خصوصًا أن البعض قد يفهم أن التكرار يحمل شكلا من أشكال التعالي عليهم!


إلا أنه وما أن انتهى التصويت على مشروع القرار المصري إلا وفوجئنا بحملة مقرفة من بعض -بعض- المعارضين تتهم الرئيس السيسي ومصر بالتآمر على القدس الشريف! وأن مصر تعمدت عدم اتهام الولايات المتحدة علانية في القرار حتى -قال إيه بقى- لا تحرم الولايات المتحدة من التصويت لأنه -قال إيه بقى- لا يحق لطرف في أي نزاع التصويت على القرارات ومصر فعلت ذلك -ليه بقى- لكي تفشل القرار اللي مصر قدمته بنفسها!

هؤلاء المعقدون الذين يستحقون فحصًا نفسيًا عاجلا في أقرب مستشفيات الأمراض العقلية يستندون للمادة 27 من ميثاق الأمم المتحدة الذي يمنع أطراف أي نزاع من التصويت.. وهذه المادة تقول ذلك فعلا لكن ما لم يفهمه خبراء الغبرة أن "النزاع" المقصود هو النزاع على الأرض بين دولتين يهدد الأمن والسلم الدولي ولا تعني المادة الخلافات "داخل مجلس الأمن"! بتبسيط أكثر نقول إن ما بين مصر وأمريكا خلاف في الالتزام بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ولكن ليس بين الدولتين "نزاع" على الأرض.. وعلى الأرض تعني توترا حقيقيا على الحدود وحالة استنفار واحتكاك وهجوم إعلامي ودبلوماسي متبادل إلى آخره.. بل لا يوجد بهذا المعنى "نزاع" حتى بين فلسطين نفسها وأمريكا إنما النزاع طبقًا لذلك بين فلسطين والعدو الإسرائيلي!!

الأمر الثاني أن نص المادة 27 نفسها الفقرة 3 يؤكد أن أي قرار لابد أن يتم "بأغلبية 9 أعضاء من بينهم الدول الخمس الدائمة متفقة"! أي أن "فيتو" واحدًا من هذه الدول الخمس يبطل أي قرار.. ورغم أن بعض خبراء القانون الدولي يقولون إن الدولة محل نزاع لا يؤخذ صوتها المقصود بها الدولة غير العضو في الأمم المتحدة.. إلا أن الأهم من ذلك على الإطلاق هي ممارسات الأمم المتحدة الفعلية ذاتها.. وهي خير تأكيد لما نقوله.. فلا كوبا لجأت ضد أمريكا في مجلس الأمن في عملية الغزو الفاشلة عام 1961، ولا العالم كله لجأ لمجلس الأمن ضد الاتحاد السوفيتي في غزوه لأفغانستان ولا الأرجنتين لجأت لمجلس الأمن ضد بريطانيا في الاستيلاء على جزر فوكلاند في منتصف الثمانينيات والثابت طبعًا استخدام الولايات المتحدة للـ«فيتو» 5 مرات أثناء عدوانها على فيتنام والذي استمر 15 عامًا ومرة أثناء عدوانها على بنما واستخدمته فرنسا في نزاعها ضد جزر القمر عام 1976 واستخدمته جمهورية الصين (تايوان حاليًا وهي غير الصين الشعبية التي اعترفنا بها عام 1956) لمنع عضوية منغوليا بالأمم المتحدة وهي على نزاع معها!! بل إن المؤسف أن بريطانيا نفسها استخدمت ضدنا الفيتو في العدوان الثلاثي ومعها فرنسا!

المنطقي أن الفيتو منح ليحمي الممنوح لهم أولا لكن المؤسف أن هؤلاء المساطيل -المعقدين نفسيًا الذين يحتاجون فحصًا عقليًا عاجلا في أقرب مستشفى للأمراض العقلية- يتابعون الأزمة السورية وفيها القوات الروسية تقاتل ضد الإرهاب بكل أنواع الأسلحة وبذلك أصبحت روسيا جزءًا من النزاع ومع ذلك لم ينتبهوا للـ«فيتو» الروسي!! المتكرر! المتعدد! ولا حول ولا قوة إلا بالله!
Advertisements
الجريدة الرسمية