رئيس التحرير
عصام كامل

لكن.. لا شيء من هذا حدث!!


كنا نرجوا أن تكون التحركات الرسمية للعرب في مواجهة قرار ترامب اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل مدروسة وسريعة وناجزة؛ لاتخاذ خطوات واقعية على الأرض؛ لتفريغ هذا القرار الأعمى من مضمونه.. وأن تسارع الدبلوماسية العربية باستخدام شتى أوراق الضغط استثمارًا لحالة الرفض العالمي -وهذه بيئة مثالية في صالح العرب - للقرار الصهيو أمريكي الذي يعد مناهضًا لقرارات الشرعية الدولية كافة، منذ وعد بلفور 1917 وحتى وعد ترامب 2017..


كنا نرجوا لو كان هناك تحرك عربي واعٍ ومنظم داخل أمريكا ذاتها بحملة علاقات عامة يستطيع العرب تمويلها لشرح حقيقة الموقف للشعب الأمريكي، وكيف أن ترامب بقراره المجحف هذا يخرب المصالح الأمريكية في المنطقة، ويضر بسمعتها في العالم بحسبانها دولة مارقة منقلبة على الإرادة الدولية وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن فيما يخص فلسطين، ويزيد وتيرة العنف والتطرف في العالم كله، ناهيك عن نسف اتفاقات السلام التي كانت واشنطن الراعي الرسمي لمفاوضاتها من لدن نصر أكتوبر وحتى اليوم.

كنت أرجو لو تحركت الدول العربية في مسار قانوني موازٍ يبين للعالم أجمع وللرأي العام الأمريكي تحديدًا كيف أن القرار "الترامبي" مخالف لكل مواثيق الشرعة الدولية لحقوق الإنسان واتفاقيات جنيف، ولاسيما ما يخص حقوق الشعوب في تقريرها مصيرها.. فكيف يعطي من لا يملك أرضًا ومدينة بهذه القداسة وتلك المكانة التاريخية والدينية لمن لا يستحق.. وهو الكيان المغتصب والاحتلال العنصري البغيض الذي يخطط لإقامة دولة دينية مناهضة للمدنية والحضارة والمواطنة وحقوق الإنسان التي تتشدق بها أمريكا بأنها الراعي الرسمي لها.

كنا نرجوا لو بادرت بعض الحكومات العربية باستخدام أرصدتها المالية الضخمة في أمريكا كورقة ضغط اقتصادية على ترامب.. لكن لا شيء من هذا حدث.. وبقينا نراوح مكاننا للأسف.. الشعوب الغاضبة في جانب.. والحكومات الرافضة في جانب آخر.. وبينهما تتحرك الآلة الصهيونية الجبارة لالتهام ما بقي من الحقوق العربية.
الجريدة الرسمية