جليل البنداري يكتب: الجمود يتحرك في الأهرام
في مجلة آخر ساعة عام 1958 كتب الصحفى الساخر جليل البندارى مقالا قال فيه:
منذ ست سنوات تقريبا ومنذ قيام الثورة سمعنا أن الأستاذ محمد حسنين هيكل سيترك رئاسة تحرير مجلة آخر ساعة والأخبار وشارع الصحافة كله، ليتولي رئاسة تحرير الأهرام.
خبر لم يكن يصدقه واحد منا نحن الذين عشنا معه في الطابق الثاني من أخبار اليوم وشاهدنا معه الطابق الثالث والرابع والخامس والعاشر وهم يرتفعون وكان مصطفى وعلي أمين في التاسع، والسيد أبوالنجا في الثامن وقاسم فرحات في الخامس، وعبدالعزيز عبدالعليم في الدور الثامن.
تساءلنا جميعا في دهشة كيف يترك هيكل الصحفى المتحرك الذي عاش عمره الصحفي كله على ظهور الطائرات يجري وراء المدافع والقنابل الذرية أينما تنطلق.. في حرب فلسطين أو الحرب الأهلية في اليونان أو الحرب الكورية.. كيف يترك هيكل داره المتحركة مثله ليتولي رئاسة تحرير الجريدة المحافظة الثابتة الجامدة جمود أهرام الجيزة.
وذهب هيكل إلى الأهرام وكتب أول مقال بعنوان «الجمود يتحرك» وفي أحد الاجتماعات نظر إلى ذوي الطرابيش الحمراء والياقات البيضاء وقال لهم بصراحة نفسى أشوف واحد فيكم بيضحك.
واحتفل محررو الأهرام بمناسبة مرور عشرين عاما على اشتغال هيكل بالصحافة فدعاني الزميل الصحفى على حمدي الجمال إلى الحفل وترددت خوفا من الجلوس بجوار ذوي الطرابيش الحمراء لكني ذهبت وفوجئت بالقمصان الأسبور والضحكات الرنانة، كان هناك عثمان العنتبلي، كمال الملاح يرقص عشرة بلدي، أحمد بهجت وغني عبدالحليم حافظ أغنية بالأحضان ثم أغنية وحياة قلبي وأفراحه..
لقد ذهب هيكل إلى الأهرام ومعه لسانه الحلو وقلبه الأبيض.
