رئيس التحرير
عصام كامل

في محبة الساحرة المستديرة .. أصحاب «القدم الواحدة» يشكلون فريقا لممارسة كرة القدم(صور)

فيتو

رقصة بالعكاز في مباراة مصر والكونغو كانت بداية الحلم لـ«محمود عبده»، صاحب القدم الواحدة، الذي توجهت الأنظار حوله بعد صعود مصر لكأس العالم، ليبدأ بعدها رحلة التفكير في إثبات ذاته، وممارسة لعبة «كرة القدم» المفضلة له، ليكتشف بعدها أن هناك من يفكرون بنفس طريقته ولديهم نفس الأهداف والشغف للعبة، فيقرر أن يحمل على عاتقه مسئولية تكوين فريق لأصحاب القدم الواحدة، ومحاولة الاعتراف باللعبة ونشرها في مصر. 





داخل إحدى الغرف الصغيرة بمركز شباب السلام ثالث، تجمع لاعبو فريق «المعجزات»، وهو اسم الفريق الذي قرر «عبده» اختياره، مع مدربهم يسري محمد الذي كان يسعى أيضًا وراء هذه الفكرة ليفتح «محمود» الطريق له ويبدأ في تكوين الأفراد الراغبين في ممارسة اللعبة.



بدأ المدرب في وضع بعض النقاط المهمة للاعبين قبل النزول إلى أرض الملعب لإجراء عمليات التسخين والإحماء، والتعريف بقوانين اللعبة التي لا يجب الخروج عنها.




بعد الانتهاء من محاضرة استمرت نصف ساعة، وتغير ملابسهم داخل نفس الغرفة البسيطة، حرص المدرب على دعوة اللاعبين لقراءة «الفاتحة» قبل الخروج لإجراء عملية الإحماء، لتكون كلماته الأخيرة داخل الغرفة المغلقة: «لعبتنا مختلفة وأهم ما يميزنا أننا بنخاف على بعض ومحدش فينا بيكره التاني وحلمنا في بداية الطريق لازم نثبت للناس نفسنا».

ويخرج أعضاء الفريق وفي أعينهم نظرات توحي بالبهجة والسرور، متوجهين لأرض الملعب، في حالة حماسية وكأنهم على موعد في لقاء كرة أمام أحد الفرق الأوروبية.



في مشهد آخر من اليوم الذي بدأ في الثانية عصرًا، وعلى حجر صغير خارج المستطيل الأخضر، جلس فارس أحمد صاحب الـ14 عامًا الذي حرص على حضور المباراة عقب أداء امتحان العلوم بمدرسته الإعدادية، مترقبًا المشهد بعينه من بعيد، وكأنه يخطط لشيء «لا يعلمه إلا هو»، فتجد نظراته متجهة شمال ويمين الملعب وكأنه يبدأ في عمل دراسة هندسية شاملة للملعب، فالبرغم من الأطفال الذين يلعبون كرة القدم أمامه داخل الملعب قبل نزوله فإنه لا ينظر إليهم ولا تجده مهتمًا من الأساس.



بعد 6 دقائق من الجلوس على الحجر الصغير، توجه «فارس» مسرعًا إلى أرض الملعب لإجراء عمليات الإحماء منفردًا بجوار «عكازه الصديق» الملون باللون الأحمر، في حالة من التركيز التام لا يتحدث مع أحد، وكأنه داخل معسكر للمنتخب، وعلى موعد مع مباراة مهمة وليست استعراضية.



قدرات «فارس» الخاصة لم تمنعه من إثبات مهارته في اللعبة، ليبهر الجميع داخل وخارج المستطيل الأخضر بأدائه الفريد من نوعه، بجانب شخصية القائد الذي تقمصها على أرض الملعب، فرغم عمره الصغير فإنه لعب دور صانع الألعاب فتجد من خلفه ينظر إليه بابتسامة تلقائية لموهبته الخارقة في انتظار مرور الكرة من قدمه لإعطائه فرصة التهديف وتسجيل هدف الفرحة في شباك المنافس.



المشهد خارج أسوار المستطيل الأخضر للملعب، تبدو الأجواء مختلفة، فالمركز ممتلئ على آخره وكأننا نشاهد مباراة بين قطبي الكرة المصرية، تحميس وتشجيع جنوني، إضافة إلى روح الأسرة فمن ينظر بعينه يجد الكراسي المتحركة منتشرة في أرجاء الملعب، جاءت من أجل المساندة وترسيخ الفكرة وإثبات الذات بقوة.



مباراة «المعجزات» لم تكن بداية محمود عبده الشهير بـ«عظيمة»، مع كرة القدم، لكنها بداية حقيقية من وجهة نظره، وهو ما ظهر على أدائه داخل أرض الملعب فهو الأكثر مهارة وتحكم في الكرة على مدى 50 دقيقة، تجده دائمًا منتشرًا في جميع أرجاء الملعب، فكرة التهديف هي الأسهل بالنسبة له.




«شارة الكابتن» الذي ارتداها «عظيمة» مسئولية كبيرة، فالشارة لم تكن قماشة صفراء يرتديها على ذراعيه، لكنها قواعد وأساس يسعى لتحقيقها على أرض الملعب، فتستمع له وهو يعنف لاعبي الفريقين على فكرة التهور والتسرع خوفًا على حدوث بعض المشكلات لهم، يتحدث معهم دائمًا من أجل اللاعب بطريقتهم وعدم الدخول على اللاعب المنافس «بالعكاز»، كل ذلك تعلمه منذ فترة لشغفه بـ"كرة القدم".



مهارات «عظيمة» في كرة القدم متعددة فتجده لديه القدرة على التصويب «التسديد» على شباك المنافس من مسافات بعيدة، فلديه قوة شديدة في قدمه تمكنه من إحراز الأهداف ووضع حلول بديلة.



يظهر «عبده» في ختام المباراة وهو محلق في السماء، معتلي الكرة وهو في حالة لم يستطع من حوله وصفها بعد تحقيق الخطوة الأولى من حلمه الذي كان يسعى له منذ سنوات كثيرة، لتبدأ المسيرة وتفتح أمامه الأبواب المغلقة.. ولكن جاء يسري المدرب الذي كان يحمل نفس الحلم لينفذ الفكرة على أرض الواقع برغم كل الظروف المحيطة به.



«حسين الشحات»، لاعب نادي المقاصة كان مسك الختام في الليلة السعيدة لمباراة كرة القدم بالعكازين لأصحاب القدم الواحدة، فمع دخوله من بوابة مركز شباب السلام الذي يقع في منطقته، تجد الجميع يلتف من حوله، بجانب الفرحة التي ظهرت على وجوه اللاعبين، فرغم الانتهاء من مباراته أمام النادي الأهلي وحالة الإجهاد التي ظهرت عليه، جاء للاعبين بكلماته الصريحة: «لازم أجي وأشجعهم وأنا مبعملش حاجة ده واجب ولازم أنفذه ولازم كل اللاعيبه تساندهم دول لاعبين عظماء ولديهم قدرات لم يمتلكها الكثير الاعتراف بحقوقهم أبسط نوع من المساعدة والوقوف بجوارهم واجب على الدولة».




الجريدة الرسمية