رئيس التحرير
عصام كامل

انتقاد على المزاج


يغضب الكثيرون ممن فى السلطة وأتباعهم من الآراء والصور والتعليقات الساخرة التى تنشر عن قرارات الرئيس الداخلية وزياراته الخارجية، أو الأوضاع التى تحدث داخل مصر، ومنهم من ينتفخ وجهه ويتحدث عن هذه الأفعال واصفًا إيها بالمبتذلة وغير السليمة، ولا يجوز أن نتطاول على رأس الدولة، ويبالغ المؤيدون بأن يقوموا بحملة بلاغات ضد هذا الشخص حتى يتعلم من العواقب.


ولو رجعنا للخلف سنجد أن من فى السلطة اليوم كانوا مرحبين بهذه التصرفات عندما كان يكتبها أو يرسمها المواطنون أو الفنانون ضد نظام المخلوع، وربما هذا الصمت إيمانًا بقاعدة "عدو عدوى هو صديق ولا بد أن أشجعه حتى يسقط من أنا لست ندًّا له" .

لا بد أن يعلم الإخوان المسلمين وأنصار "مرسى" أو من يؤمن بهم أن التعليقات والآراء الساخرة هى ليست ضد شخصه أو عداء له؛ فكل ما نفعله منه انتقاد لسياسات، حتى يفهم الرئيس أن ما يفعله يؤدى إلى الكارثة، فنحن نرسم طريق الكارثة، بناء على قرارات هو اتخدها، وليس لأننا نريد الخراب والدمار .

بجانب أن هذه هى طبيعة الشعب المصرى؛ ضاحك ساخر للغاية لا يقف على خط واحد، بل يفعل كل ما يريده، وهذا ليس جديدًا، فما يحدث من تعليقات ساخرة على مواقع التواصل الاجتماعى كانت تحدث فى عهد المخلوع لا جديد فى القصة.

كما أن المواطن المصرى يسخر من أفعاله عبر تعليقات وكوميكس ساخر ينشره على صفحته، أو يقوم هو بإلقائها فى جلسة مع أصدقائه، بل إنه فى أحيان كثيرة يسخر من المعارضين ولا يغضبون مما يفعله، وأشهر المواقف على ذلك عندما ظهر "حمدين صباحى" فى برنامج "البرنامج؟" وسخر باسم من تسريحة شعر حمدين، لم يغضب حينها، بل أخذ يضحك؛ لأنه يفهم طبيعة البرنامج، ويؤمن بأن هذا ليس انتقاصًا منه .

ثـم إننا فى مصـر الثورة أم أننا فى مصر الإخوانية؟! وإذا كنا كذلك فاكتبوا لنا قائمة وأطلقوا عليها "قائمة لا"، حتى نعلم ماذا تريدون، بدلًا من أن تتفرغوا للمواطنين والرسامين والكتاب والمنتقدين، أليس من الأفضل أن تحاولوا وضع خطط إصلاح، أو تجعلوا الرئيس يشاهد ما يحدث بدلًا من أن تجعلوه يشاهد "مصر 25" ويقرأ "الحرية والعدالة". 

اتركوا من ينتقد أو يسخر من القرارات يقول ما يشاء، فأنتم لديكم إعلام أيضًا لا يهدأ ولا يمل، ولا تحاولوا أن تحددوا هل هذه سخرية أم لا، فمن البدهى أنكم تريدون انتقادًا على المزاج، ومن قبلكم كان لا يريد الانتقاد، لأن عرض الحقيقة بأسلوب ساخر يجعلهم أكثر فهمًا من عرض الحقائق بصورة جدية؛ لأنكم بدأتم تجعلونهم يعانون من هواجس المؤامرات عندما تردون على المنتقدين بأنهم عملاء أو لا يريدون إصلاحًا .

اعلموا جيدًا أن التعليقات الساخرة ما هى إلا مخرج غضب للمواطن البسيط، وهذا أفضل لكم، فلو أصبحت التكشيرة على الوجوه، وأصبح ممنوعًا علينا الحرية والنقد؛ حينها يتولد الكبت داخل الكثيرين، وسيبدأ فيضان الغضب عليكم جميعًا، ولن يرحمكم، وسيأخذكم إلى قاع المحيط بلا رجعة.
Lovers.Fares@Yahoo.Com

الجريدة الرسمية