رئيس التحرير
عصام كامل

مفاتيح التعاون مع الصين


بعد عدة زيارات تقريبا خمس زيارات أو أكثر على مستوى رفيع، بالإضافة إلى توقيع أكثر من ٣٥ اتفاقية وخلال ٣ سنوات من وجود مكثف للشركات الصينية وأغلبها شركات حكومية من الدرجة الأولى، بل أفضل شركات تعمل في مجالات مختلفة مثل صناعة القطارات وصناعة عربات المترو وتشيد محطات الكهرباء العملاقة والطرق والكباري وشركات عملاقة في صناعة السيارات والأتوبيسات التي تعمل بالكهرباء صديقة البيئة، وشركات التكنولوجيا أيضا، ومنهم من يستحوذ على ٧٥٪‏ من قطاع التوريدات بالسوق العالمي، واقتصاد صيني وصل إلى مرحلة تحدى فيها اقتصاديات قديمة وكبرى مثل الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وأغلب دول أوروبا بحجم يصل إلى ٣ تريليون دولار، والعام المقبل سوف تتربع الصين على أول وأقوى اقتصاد بالعالم، وبنية تحتية بكل المدن الصينية تضاهي أجمل وأنظف المدن الأوروبية وأمريكا أيضا، برغم كل ما سبق ذكره لم نعرف بعد مفاتيح هذه الدولة، لكن للأسف ما زلنا نتعامل معهم باستخفاف فظيع من قبل كل المسئولين، وما زلنا نحتاج واسطة للحصول على موعد مع أحد الوزراء لنقابلهم ليتعاونوا معنا كوكلاء لشركات كبرى وعملاقة تعمل وترغب في التعاون مع السوق المصري.


ملحوظة، الصين تخصص كل سنة ١٠ مليارات دولار لدول أفريقيا كلها قروض ميسرة أو استثمار أو منح، وخلال ٣ سنوات لم نحصل منهم إلا على مائة أو مائتي مليون تقريبا والباقي ذهب إلى جنوب أفريقيا أو غانا أو رواندا أو نيجيريا أو أنجولا التي تم إنشاء محطة كهرباء بها بـ٣ مليارات دولار، ورواندا التي تم اختيارها لتضع الصين بها أكبر قاعدة معلومات وأبحاث خارج الصين، وقد ضخت الصين ما يقرب من 30 مليار دولار لمساعدة البلدان الأفريقية في مشروعات مختلفة كانت تعهدت بتقديمها للقارة السمراء لتصبح أكبر شريك موثوق فيه، ويسهم في الإسراع من جهود التحديث الزراعي والتنمية الصناعية.

وتعهدت الصين بتقديم دعم قدره 60 مليار دولار لدعم أفريقيا خلال القمة السادسة لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي الذي استضافته جوهانسبرج في جنوب أفريقيا في ديسمبر 2015، وقد أكد وزير الخارجية الصيني يانج وي، في تصريحات أدلى بها على هامش جلسة برلمانية في العاصمة الصينية بكين، على مواصلة بلاده تقوية علاقاتها مع أفريقيا من أجل دعم القارة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة والأوضاع العالمية المضطربة.

ولفت يانج وى إلى أن بكين خصصت 60 مليار دولار للتنمية في أفريقيا وقامت بالفعل بضخ ما يقرب من نصف ما تعهدت به، قائلًا: "إن هناك رابطة وثيقة تجمع الصين وأفريقيا في مستقبل مشترك، فالتعاون المتبادل بين الشقيقين بغض النظر عن كيف تسير الأوضاع الدولية أو الاقتصاد العالمي، وما يميز التعاون الصيني الأفريقي أن الصين دومًا تحافظ على وعودها".

وبينوزير الخارجية أن هناك مشروعات نفذت فعليا منذ قمة جوهانسبرج من بينها إتمام خط سكك حديد أديس أبابا وجيبوتي، كما أنه يتوقع في القريب العاجل الانتهاء من خط سكك حديد يربط بين مومباسا ونيروبي إلى جانب عدد من المشروعات التي يجري تنفيذها حاليا في الكونغو وتنزانيا وأنجولا ورواندا وغانا وغيرها من الدول، ورغم كل ما سبق ذكره كما وصل لنا من أكثر من ٣٠ مليار ضخت بأفريقيا. 

وللأسف ما زلنا في مصر نجري خلف الشركات الأوروبية، وما زلنا نتعامل مع الصين على أن منتجاتها من مستوى "سوق العتبة" وقد نسينا أو نتغافل عن شيء خطير وهو أن كل الشركات العالمية بدون أي استثناء تصنع الآن بالصين بدءا من السيارات والكمبيوتر والايباد واللمبات والتلفزيون إلخ، وما زلنا نبحث عن المنتج الأوروبي بأضعاف السعر رغم أن أغلب مكونات المنتجات الأوروبية والأمريكية تنتج الآن بالصين.

الصين الأفضل في صناعة قطارات على مستوى العالم الآن طبقا لتقارير دولية، وسرعة القطارات فيها تصل إلى ٣٥٠ كيلو متر بالساعة وما زلنا نشتري الأمريكي أو الفرنسي.. الصين لديها أكثر من ٥٠ خط مترو أنفاق، والألف الكيلو متر من الإنفاق، وما زلنا لا نثق إلا بغير الألمان أو الفرنسيين، هناك فهم وتعنت مريب ضد التعاون مع هذا الشعب العظيم وما زلنا نجعلهم الحل الأخير.

مفاتيح الصين تأتي بالتعاون الجاد و محاربة فساد الشركات الغربية التي تم زراعتها ببلادنا، مفاتيح الصين، تأتي بتنفيذ اتفاقيات جادة والتقرب معهم بفهم أيدلوجيتهم، مفاتيح الصين تبدأ بمشاركة حقيقية بصناعة السيارات كما فعلت الجزائر وجنوب أفريقيا وغانا وبصناعة القطارات وعربات المترو والصناعة المغذية لأنها قاعدة كل الصناعات، مفاتيح الصين تبدأ بخلق رجال أعمال جدد بفكر جديد، مفاتيح الصين تأتي بتعاون مباشر وتشكيل لجنة وطنية مكونة بشكل دائم بوزارة التعاون الدولي والاستثمار على أن تستمر وزارة الاستثمار والتعاون الدولي وزارة واحدة.

مفاتيح الصين تأتي بتأهيل ٥ شركات كبرى مثل النصر لصناعة السيارات، والهندسية لصناعة السيارات، والمعصرة لصناعة عداد المياه، والمراجل البخارية، وبعض شركات الغزل الكبرى، على أن تكون الإدارة الفنية صينية والمالية مشتركة، وتكون المشاركة من خلال الحكومة أو البنوك المصرية بنظام المشاركة وليس القروض.

مفاتيح الصين هي نقطة انطلاق مصر الصناعية وإذا انطلق العملاق فإن الصناعة المصرية سوف تتغير وتتغير معها خريطة الاقتصاد بالعالم العربي.. أخيرا والأهم فإن تكلفة الإنتاج بمصر أقل من الصين بـ٣٠٪‏ تقريبا، وهذا لصالح الإنتاج في مصر.
الجريدة الرسمية