أحمد عبد المنعم أول معيد كفيف في تاريخ كلية الإعلام.. يهوى صيد الأسماك وكرة القدم والطائرة.. الشاب المعجزة: رئيس جامعة القاهرة اندهش لأني الطالب المثالي (فيديو وصور)
للإرادة والعزيمة فرسان؛ وحالتنا اليوم فريدة، لا تتكرر كثيرا..أمامنا نموذج مشرف فرغم إصابته بفقدان البصر منذ صغره، فإن ذلك لم يمنعه من التفوق حتى تحقق حلمه في أن يصبح أول كفيف يتم تعيينه معيدا بكلية إعلام القاهرة بعد حصوله على الترتيب الثاني على دفعته.
"فيتو" توجهت إلى قرية "شيبة النكارية"، التابعة لمركز الزقازيق بالشرقية، والتقت الشاب المعجزة "أحمد عبد المنعم يوسف والذي يبلغ من العمر 23 عاما ليروى لنا تفاصيل رحلة التحدي.
قراءة الصحف
قال "أحمد" لـ «فيتو»: «اجتهدت وتعبت جدا، وكنت أثق أنى هاكون في يوم من الأيام حاجة كويسة، والحمد الله ربنا مخذلنيش.. أنا بعشق الدراسة جدا، وكنت دايما أتفوق في دراستي في الابتدائية والإعدادية والثانوية، وكنت الأول على الجمهورية وأيضا في الجامعة".
أضاف الشاب الذي ينادونه في قريته بـ"أحمد أبو رحمة": والدي، رحمه الله، كان يعمل مديرا لإحدى المدارس، ووالدتي، أطال الله في عمرها، تحفظ نصف القرآن الكريم، وكانا سندا لي دائما وسببا رئيسيا في تفوقي، مضيفا: ذات يوم ذهبت مع شقيقتى الكبرى "إيمان" لأحد الدروس، واكتشف المعلم تجاوبي معه أثناء شرح المادة، وكان عمرى حينها ثلاث سنوات ونصف السنة، فقال لأختى: "أخوكى لماح وباين عليه زكى جدا"، وطلب منها إحضار كراسة وقلم لي لأتعلم الكتابة والقراءة.. وبالفعل تمكنت من فعل ذلك وعمري 4 سنوات مما أثار استغراب واندهاش جميع أهالي قريتى وقتئذ واستعان بعضهم بي لقراءة الصحف لهم".
فقدان البصر
واستطرد: "أنا اتولدت طبيعي وماكنتش كفيف، بالرغم من أن والدى كان كفيفا فقد تعرضت للضرب من أحد الأشخاص بالقرية ظنا منه أننى قمت بإلقاء نجله في المصرف أمام مدرسة "شيبة"؛ ما أدى لإصابتى بانفصال شبكية ونزيف، وفقدت جزءا من بصري، وبعد الواقعة، وبسؤال الأهالي لابن الشخص المعتدي، أكد أننى لم أسقطه في مياه المصرف بل انزلقت قدماه".
ضمور الأعصاب
وتابع: عقب ذلك دخلت في دوامة العمليات لاسترجاع بصري إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل، واضطر والدى لإلحاقي بمدرسة الأمل للصم والبكم بالزقازيق، وتم إجراء اختبار لي، واكتشف المعلمون بالمدرسة أن مستواى يؤهلنى للانضمام للصف السادس، وليس الثانى الابتدائى، لافتا إلى أنه فقد بصره بشكل كامل عندما كان في الصف السادس الابتدائي بعدما تسببت كثرة العمليات في إحداث تلف وضمور بالعصب البصري.. بعدها اعتمد على جهاز "برايل" في التعلم حتى الانتهاء من الثانوية وفي الجامعة على الحاسب الآلي.
كفاح الأم
أضاف: لا أريد أن أسترد بصري، ولا عمري خطر ببالي أن أدعو الله أن أرى مرة ثانية لأنى بقيت مرتاح كدة، وتأقلمت تماما على هذا الوضع"؛ لأن أمى وإخواتى الأربعة وهم: "محمد طالب في السنة النهائية بكلية التجارة ومحمود ثانية حقوق مش مخليينى محتاج حاجة خالص".
وأوضح "أحمد": عقب وفاة والدى تحملت أمى المسئولية وكان عمرها 36 عاما وبالرغم من تقدم العديد من الرجال لطلب يدها في ذلك الوقت فإنها رفضت وأصرت على القيام بتربيتى وإخواتى وعملت كممرضة لتوفير مصروفات المنزل والدراسة لنا.
مسئولون لا يهتمون
وعن أطرف المواقف التي تعرض لها قال: عندما حصلت على جائزة الطالب المثالي بكلية الإعلام عام 2015، فوجئت بالدكتور جابر نصار، رئيس الجامعة السابق، يتساءل مستغربا: "كيف حصل هذا الشاب على الجائزة وهو ملتحق بالتعليم المفتوح وكفيف فأجبته بأنني طالب انتظام وطوال مراحل دراستى كنت متفوقا ووعدنى بأنه سيهدينى رحلة لمدة شهر في أوروبا ولكن هذا لم يحدث.
وأضاف "أبو رحمة"، وهو يتحدث بنبرة حزن شديد: بالرغم من تفوقى وإصدار قرار بتعيينى كأول معيد في تاريخ كلية الإعلام (مختص بالأبحاث) فإننى لم أجد أي اهتمام من جانب المسئولين.
مشقة السفر
وتابع: أبرز المعوقات التي يواجهها بعد قرار تعيينه بالكلية والذي صدر في يوليو الماضي هو عدم توافر سكن له وتحمله مشقة السفر يوميًا والعودة في ذات اليوم برفقة والدته، فضلا عن عدم تخصيص مرافق له من جانب الكلية، مناشدا الرئيس السيسي، الذي يأمل في مقابلته، والمسئولين عن جامعة القاهرة، تلبية احتياجاته للتخفيف عنه.
عبد الحليم على
وعن هواياته المفضلة قال: أعشق صيد الأسماك والقراءة وألعاب الكرة الطائرة والسلة والقدم وأتابع فريقي الذي أشجعه وهو الزمالك، ولاعبي المفضل حتى الآن هو الهداف المعتزل عبد الحليم على الذي أتمنى مقابلته رغم تركه للمستطيل الأخضر؛ لأنه يتمتع بأخلاق عالية ومحبوب من الجميع، كما أعشق أحمد حجازى، نجم الأهلي والمعار للدوري الإنجليزي.