رئيس التحرير
عصام كامل

قانوني يوضح حالات الامتناع لوقوع الجريمة وشروطها قانونا

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

قال المستشار محمد عبد السلام، قاض سابق بالجنايات إن الامتناع هو إحجام شخص عن إتيان فعل إيجابي معين كان المشرّع ينتظره منه في ظروف معينة بشرط أن يوجد واجب قانوني يلزمه بهذا الفعل وأن يكون باستطاعة الممتنع القيام به.


وأضاف بأن يتكون وقوع الجريمة الإيجابية في ركنها المادي من الامتناع المقارنة جانب تحقق نتيجة إيجابية ناشئة عن هذا الامتناع، موضحا ذلك بمثال "الممرضة التي تمتنع عن إعطاء المريض الدواء ليموت" وهنا تتحقق صورة هذه الجريمة بصدد جريمة القتل العمد.

وأشار عبد السلام إلى أن شروط الجريمة الإيجابية بطريق الامتناع هي:

- أن يكون على الممتنع واجب أو التزام قانوني أو تعاقدي بأداء عمل بمنع وقوع الجريمة كواجب الممرضة بعناية مريضها أو واجب الأم في إطعام طفلها، ويعتبر الممتنع في هذه الحالة مسئولا عن النتائج التي أفضى إليها امتناعه.

إلى جانب ذلك أن تتوافر علاقة السببية بين الامتناع والنتيجة التي يعاقب عليها القانون، وأن يكون الممتنع قادرا على القيام بالفعل الإيجابي الذي من شأنه إنقاذ حياة المجني عليه، إذ لا تكليف بما لا يستطاع.

وقال عبد السلام: هناك الجرائم السلبية البسيطة، حيث يقوم ركنها المادي بامتناع لا تعقبه نتيجة مادية ملموسة، حيث يقتصر نص التجريم على الإشارة إلى الامتناع فيقرر من أجله عقوبة، وتعتبر الجريمة تامة به.

ومن أمثلة هذه الجرائم: ـ جريمة إنكار العدالة ـ جريمة تعريض طفل أو عاجز للخطر، جريمة الامتناع المحظور غير المقترن بنتيجة ضارة.

أما الجرائم السلبية ذات النتيجة: فيفترض ركنها المادي امتناعا أعقبته نتيجة إجرامية.

ومن أمثلتها: جريمة تعريض الطفل أو العاجز للخطر إذا اقترنت بحصول مضرة (قطع أعضاء أو كسرها أو الموت ـ جريمة الامتناع المحظور إذا ترتب عنها هلاك شخص أو إصابته بضرر بدني وتسمى هذه الجرائم بجرائم الارتكاب عن طريق الامتناع).

وأوضح عبد السلام أن الجرائم السلبية أو جرائم الامتناع بنوعيها يقوم الركن المادي فيها على:
1ـ عنصر سلبي اقترن بظروف مادية وهو الامتناع وهذا العنصر كاف لقيام الجرائم السلبية البسيطة.

2ـ أما الجرائم السلبية ذات النتيجة أو جرائم الارتكاب بطريق الامتناع فلابد لها إضافة إلى العنصر الأول من توفر عنصر ثان وهو عنصر إيجابي مادي يتمثل في النتيجة الإجرامية.

وأكد عبد السلام أن هناك شروط (أو عناصر) الامتناع... يجب توفر ثلاثة عناصر أو شروط للامتناع وهي: ـ الإحجام عن إتيان فعل إيجابي ـ وجود واجب قانوني ـ الامتناع بصفة إرادية.

1ـ الإحجام عن إتيان فعل إيجابي: لامتناع ليس موقفا سلبيا مجردا أيا كان، وإنما موقف سلبي بالقياس إلى فعل إيجابي معين.

ويعني ذلك أن المشرّع يعتبر بعض الظروف مصدرا لأن يقوم الشخص بفعل إيجابي معين تقتضيه الحماية الواجبة للحق، فإذا لم يأت هذا الفعل بالذات فهو ممتنع في نظر القانون.

وتطبيقا لذلك فإن جريمة إنكار العدالة تفترض أحجام القاضي عن القيام بالإجراءات التي يحددها القانون للنظر في الدعوى، لا عن فعل شيء آخر، فالنظر والحكم بعدم سماع الدعوى لا يعد امتناعا عن الدعوى كذلك لا يعد امتناعا. فالامتناع يجب أن يكون عن فعل إيجابي فرضه واجب قانوني.
 
2 ـ وجود واجب قانوني: ليس للامتناع وجود في نظر القانون إلا إذا كان الفعل الإيجابي مفروض قانونا على من امتنع عنه. فمثلا امتناع المتهم عن الكلام أثناء التحقيق والمحاكمة لا يعتبر جريمة لغياب واجب قانوني يفرض عليه الكلام.

3ـ الصفة الإرادية للامتناع: باعتبار الامتناع مثل الفعل الإيجابي صورة للسلوك الإنساني فالامتناع يصدر عن الشخص ابتغاء تحقيق غاية معينة ويهدف به إلى السيطرة على مجموعة من العوامل والظروف الخارجية من أجل توجيه هذا المجموع إلى تحقيق هذه الغاية.

وتقتضي الصفة الإرادية للامتناع أن تكون الإرادة مصدره أي أن تتوافر علاقة إسناد مادي بينها وبين الامتناع فهو يحجم عن الفعل الإيجابي المفروض عليه لأنه أراد ذلك وقد كان في وسعه أن يأتي الفعل.

وأشار بأن إذا ثبت أن الإحجام قد تجرد من الصفة الإرادية فلا يوصف بأنه امتناع في المعنى القانوني (كوجود إكراه مادي أو سقوط الشخص مغما عليه).

والى جانب تلك الشروط الثلاثة العامة لقيام الامتناع يوجد أحيانا شرط رابع خاص ببعض حالات الامتناع وهو أن لا يكون الفعل المطلوب القيام به مصدر خطر على الشخص المفروض عليه أو على غيره.
الجريدة الرسمية