رئيس التحرير
عصام كامل

وعالجنا الخطأ.. بخطأ أكبر!


هل تستحق واقعة المطربة شيرين وحديثها عن "بلهارسيا النيل" أيا ما كان حجم خطئها أن تنهال عليها سهام النهش في حرمة حياتها الخاصة على وسائل الإعلام المختلفة والتواصل الاجتماعي لتجردها من كل فضيلة، وأن تتكالب عليها الألسنة المسعورة بلا هوادة لدرجة وصلت إلى اغتيالها معنويًا، والتفتيش في خباياها وتعريتها بكل قسوة.. ونسي هؤلاء الأشاوس أن من كان منهم بلا خطية فليرمها بحجر.


هل تستحق واقعة قديمة ليست وليدة اليوم أن يغالي البعض مطالبًا بإعدام شيرين شنقًا في ميدان عام، ناهيك عن منع ظهورها إعلاميًا نهائيًا.. هل توقف واحد من هؤلاء الغر الميامين ليمحص متى وقعت هذه الواقعة.. ولماذا إثارتها اليوم والنفخ فيها بهذه الصورة الموتورة وبكل هذا الغل.. هل من حق الإعلام علاج خطأ أو حتى جريمة بخطأ أكبر يصل لحد استباحة الخصوصيات ونهش الأعراض.. فتش عن المستفيد لتعلم لماذا إثارة واقعة شيرين الآن!

ما حدث للأسف فتح الباب أمام المزايدين والمشككين للربط بصورة متعسفة بين الهجوم على شيرين وتعثر المسار الفني لمفاوضات سد النهضة الذي يؤرق المصريين قطعًا.. وهو أمر لم يتركه الرئيس السيسي يمر دون رد قاطع بكلمات أعتبرها بمثابة تعهد رئاسي حاسم بعدم المساس بحقوق مصر التاريخية في نهر النيل، فإذا كان سد النهضة يمثل لإثيوبيا بابًا للتنمية فإن النيل لمصر هو مسألة حياة أو موت.. ورسالة الرئيس واضحة ومطمئنة للشعب ولا مجال فيها للتأويل أو المزايدة أو التحريض أو التوظيف السياسي.

ويبقى أن تعالج نقابة الموسيقيين واقعة شيرين بروح القانون وحس إنساني لا يتأثر بالضجة التي أثارها الإعلام وهجمته الشرسة، وسواء كان قرارها عقابًا أو عفوًا عن سقطة شيرين فلا ينبغي أن تذبح صوتًا عذبًا أمتع المصريين وحرك فيهم نوازع الوطنية حين غنى بصدق أغاني مثل "ما شربتش من نيلها" وأغانى ترثي الشهداء وتستحث عزم الرجال المدافعين عن الوطن في الجيش والشرطة.. ولعل ما حدث يكون درسًا قاسيًا لكل من تسول له نفسه التفريط أو الإساءة لبلده في أي مكان.. وظني أن "شيرين" ندمت ولن تعود !
الجريدة الرسمية