في مواجهة الفوضى.. الخشت نموذجا!
ذات مساء وفي مكان ما وبمناسبة ما جمعنا مع الدكتور عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة لقاء لا ينسى ربما كتبنا عنه وتناولناه في يوم ما.. إلا أننا في اللقاء أدركنا قيمة الرجل ومكانته وعلمه وثقافته ولذلك كان طبيعيا أن نستهجن الحملة التي استهدفته بعد تعيينه بقرار جمهوري لمهمته الحالية.. وربما نحتاج إلى مقال مستقل للحديث عن الرجل وقد تحتاج مؤلفاته إلى مقال آخر وربما أكثر وما يعنينا الآن هو النموذج الذي يضربه الدكتور الخشت في الإدارة.. وهو النموذج الذي نبحث عنه في الحزم والحسم والضبط والربط في مواجهة التسيب مع قوي الشر لقراره العاجل بوقف الأستاذة الجامعية بسمة مصطفى المدرس المساعد بكلية العلوم بالجامعة وإحالتها إلى التحقيق ثم وقفها عن العمل احتياطيا لمصلحة التحقيق لمدة ثلاثة أشهر.
وجاء في حيثيات القرار "ذلك لنشرها أخبارا كاذبة وتضليل الرأي العام بتهجمها على شهداء مذبحة بئر العبد واتهام الدولة بالقيام بالمذبحة وحيث أنها خالفت القيم والتقاليد والأعراف الجامعية (مادة 96 جامعات)، وخرجت على مقتضى الواجب الوظيفي مادة (58 خدمة مدنية) بأن خالفت واجب المحافظة على كرامة الوظيفة وحسن سمعتها وظهرت بمظهر لا يليق بالوظيفة (149 / 3 من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية) وباشرت نشاطا من شأنه تكدير الأمن العام وأثرت على السلام الاجتماعي وأتت ما من شأنه أن يفقدها حسن السمعة وطيب السيرة اللازمين لشغل وظيفتها والاستمرار فيها (مادة 150 / 17 من ذات اللائحة) ثم جاء القرار من ثلاثة بنود كما أشرنا سابقا.
وهو القرار السريع الذي لم يمر بما تمر به قرارات مؤسساتنا الأخري ببيروقراطية مزمنة تفقد القرارات الحاسمة من مضمونها.. ومع ذلك نقول لم يكن القرار السابق هو الأول للدكتور الخشت في مثل هذه الأحوال.. فقد سبق في سبتمبر الماضي وأن أحال ملف 4 أساتذة من كلية العلوم إلى المستشار القانوني بالجامعة للتحقيق فيما تردد عن سفرهم دون إذن والمشاركة في مؤتمر تنظمه "الإخوان" بألمانيا، مؤكدا أن المشاركة في مثل هذا المؤتمر يعد مخالفة قانونية نظرا لحظر تلك الجماعة قانونا!
الخشت لا يتوقف على الحسم في التأديب عن مخالفة القانون واللوائح، التزاما بالقوانين واللوائح.. والوقوف أمام ما يستفز مشاعر المصريين وإنما سبق -مثلا- أن أصدر قرارا يقضي بتحمل الجامعة الزيادة في مصاريف المدينة الجامعية عن الطلاب.. وهو ما أراح غير القادرين وطمأنهم ويسر لهم سبل الاستمرار في تلقى العلم.. ولما لا والجامعة قادرة على ذلك ليقدم نموذجا في العدل الاجتماعي قبل القدرة على إصدار القرارات المصيرية!
تعلموا من الرجل.. نحتاج مثله ومثل شجاعته وسرعة قراراته في مؤسسات كثيرة !