صلاح حافظ يكتب: أمانة الكلمة
في كتاب (مقالات ومعارك لها تاريخ) يضم أغلب ما كتبه صلاح حافظ في الصحافة والسياسة، منها مقالا كتب فيه يقول:
«أنا عملت تقريبا في كل صور الصحافة حزبية وغير حزبية، اشتغلت في صحافة تنظيم سري هو حدتو، وفي صحافة مدرسة وطنية مثل روز اليوسف وصحافة مدرس اخبارية مثل أخبار اليوم، واستعملت في الصحافة وأنا أنتمي إلى الاشتراكي وسعدت أن انتمي إلى التنظيم الطليعي السري الذي أنشأه عبد الناصر.
ثم عشت تجربة الصحف الحزبية وشاركت في تأسيس صحيفة الأهالي، ومع ذلك لم انضم لحزب من الأحزاب.
ولم أنتمِ لحزب ليس لأني ضد الأحزاب الموجودة الآن أو لأني لا أجد حزبا يعبر عني، ولكن بعد تجربة طويلة جدا من الكتابة السياسية والأدبية اكتشفت أن أنسب شيء للكاتب أن يكون مستقلا، وكلمة الاستقلال هنا ليس معناها عدم الانتماء إلى رأي أو عقيدة وإنما عدم الالتزام بتشكيل حزبي حتى يكون الكاتب فيما يكتب معبرا عما يرى أنه الحق طول الوقت، المهم هنا أن يلتزم الكاتب بأمانة الكلمة والرأي، بعيدا عن أية اتجاهات أو انتماءات.
وقد اكتشفت تناقضا مزعجا جدا حتى بالنسبة للكاتب الملتزم، فأنت عندما تكتب ويكون لك قراء منهم يثقون بك وهنا يجب أن تكون أمينا معهم ولا تقول لهم إلا الحقيقة، وعندما تنتمي إلى حزب فأنت تلتزم بموافقة بنسبة ١٠٠٪.
وهذا الحزب يخطئ أحيانا وقد يصيب أحيانا، فنجد الكاتب نفسه بين فكي كماشة، فهو يعتقد أن هذا الموقف خاطئ من الحزب، لكن عضويته تفرض عليه الالتزام بهذا الموقف والدفاع عنه، وهذا معناه أن الكاتب يجب أن يدافع عن رأي الحزب الذي هو غير مؤمن به والذي قد يكون خطأ، وقد يعتذر الحزب عنه في المستقبل.
وهنا المشكلة، فعندما تكتب مدافعا عن رأي الحزب وانت تعتقد أنه غير صواب فقد قمت بخيانة قارئك.
وهناك ميثاق على البعد بينك ككاتب وبين القارئ، أنك لا تقول له إلا ما هو صائب من وجهة نظرك، وهنا تقع في ورطة لا يقع فيها رجل السياسة أو الزعيم أو الكادر الحزبي المناضل، لأن كل من هؤلاء يدافع عن الحزب.
فإذا غير الحزب موقفه يغير الكاتب موقفه معه، لكن الكاتب يقع في ورطة، فهو مرتبط بشيء آخر هو قارئه وثقة هذا القارئ فيه».