الحريري تريث أم تراجع؟
استهلك عدد من المحللين أمس كله في شرح الفارق بين تريث سعد الحريرى في تقديم استقالته من منصبه على رأس الحكومة اللبنانية، وبين تراجعه عن تقديم هذه الاستقالة، الحريرى في بيانه للبنانيين قال تحديدا: إن الرئيس عون طلب منه التريث في تقديم استقالته، وأنه استجاب لطلبه هذا، مشيرا إلى أنه مستمر مع اللبنانيين، لضمان استقرار وعروبة لبنان، والتريث لا يعنى إلغاء الاستقالة، وإنما تأجيلها فقط لحين بحث الأسباب التي أدت إليها وعلاج هذه الأسباب أو بالأصح إزالتها، أما إذا لم يتحقق ذلك فإن الاستقالة مازالت موجودة، أما التراجع عن تقديم الاستقالة فهو يعنى العدول عنها أو إلغاء فكرتها، وهو ما حاول حزب الله اللبنانى الترويج له للإيحاء بأنه مع حليفه عون قد حقق في هذه الأزمة اللبنانية انتصارا على خصومه، بإجبار الحريرى على التراجع عما دفعته له السعودية كما يقول مسئولو حزب الله.
أما المراقبون العرب والأوروبيون فإن لهم رأيا آخر يقول إن تريث الحريرى في تقديم استقالته التي أعلنها قبل أيام في الرياض مكتوبة للرئيس اللبنانى في بيروت، كان وراءه جهد قامت به فرنسا ومعها مصر لاحتواء أزمة لبنان، أملا في حل مشكلتها الداخلية ومشكلات علاقاتها العربية، بل إن قبرص بدورها أعلنت أنها سوف تنضم إلى هذه الجهود الفرنسية والمصرية.
على كل حال.. تريث الحريرى في تقديم الاستقالة المكتوبة حاليا لا يعنى أن الأزمة اللبنانية قد انتهت، وإنما انتهى فصل واحد منها، وما سوف يحدث في فصولها الجديدة سوف يتوقف على ما ستسفر عنه تلك الجهود والوساطات، التي تستهدف احتواء الأزمة، فضلا عن الموقف الذي سوف تتخذه إيران وبالتالي حزب الله في ضوء التطورات الجديدة، فإذا كان الحريرى تريث فهل تقابل إيران ومعها حزب الله تريثه هذا بتريث مماثل في تنفيذ خططهما في لبنان والمنطقة، أم سوف يمضيان قدما في تنفيذها لأنهما يريان أنهما نجحا في دفع الحريرى على التراجع، هذا ما سوف يتضح بعد أن يمارس الحريرى عمله ابتداء من اليوم كما قال.