منتدى الشباب.. حتى لا ننسى
عشرة أيام مضت على انتهاء فعاليات منتدى شباب العالم، ذلك الحدث الأبرز والأفضل والأهم شكلًا ومضمونًا وزمانًا ومكانًا، فمن حيث الشكل.. كان إبهار الصورة غير المعتاد بداية من حفل الافتتاح وانتهاءً بحفل الختام وما بينهما من أحداث، إبهار تلاشت معه حالة الملل التي تصاحب الكثير من المؤتمرات خاصة التي يضفي عليها حضور الرؤساء والمسئولين صفة الرسمية، لكن تنوع الفعاليات وسيولتها وتمرد الكاميرا نأى بالمنتدى عن هذا المأزق.
أما المضمون فجاءت أهميته من قضايا كثيرة تبادل النقاش فيها الشباب مع أصحاب الخبرة، قضايا تنوعت بتنوع لغة الحضور وباختلاف جغرافيا المكان، وإن كان العنوان الأعرض الذي التف حوله الجميع هو مستقبل أفضل وعالم يخلو من الإرهاب، كما فتح المنتدى بوابة جديدة لمصر على أفريقيا بعد أن أوصدها الجهل أو التعمد أو التعالي في أزمنة سابقة فكان ما نجنيه اليوم، أما توقيت المنتدى فضاعف من أهميته، حيث العالم في واد ونحن في واد آخر، العالم يموج بالتربص والتآمر والإرهاب وتصفية الحسابات حتى أزكمت رائحة الدماء الأنوف وأوجعت مشاهد القتل القلوب وأعيتنا صور الموتى في بحار الهجرة، أما نحن فكانت دعودتنا للسلام حتى تحيا الشعوب آمنة وينعم من فروا من الموت بالعودة إلى بلادهم.
وأهمية المكان كانت في اختيار مدينة شرم الشيخ، التي عانت مواتًا سياحيًا طوال السنوات الست الماضية، ولم يشفع لها سحر المكان، فجاء المنتدى ليقدمها للعالم في أبهى صورة أملًا في إعادة الروح إليها.
قد يسأل سائل.. لماذا الحديث عن منتدى أسدل الستار على فعالياته منذ عشرة أيام؟
وفي الإجابة بيت القصيد، لأن طامتنا الكبرى في مصر أننا نصنع الحدث ثم ننساه بمجرد انتهائه، نبني ثم نتراخى ونبحث عن وجهة أخرى، وليس أدل على ذلك من مشروعات كنا نصفق لها ونتغنى بها ثم ننساها لتتحول إلى أنصاف مشروعات يرتع فيها الغربان ثم تسقط جدواها بمرور الأيام لتسقط من الذاكرة فيما بعد، لدينا من أنصاف المصانع المئات التي تعثرت بفعل الإهمال فتشرد العاملون فيها ليكونوا عبئًا على الدولة بوقوفهم في طابور البطالة ويكون تراجع الإنتاج العبء الآخر، ولو طالت العناية هذه المصانع منذ البداية لتضاءلت البطالة وزاد الإنتاج، لذلك لابد ألا يتوقف الحديث عن منتدى شباب العالم لأنه المشروع الأهم سياسيًا واقتصاديًا وسياحيًا، وليكن إسدال الستار على فعالياته بداية لفعاليات جديدة وجادة تعظم إيجابياته وتتلافى في المستقبل سلبياته.
أمامنا أرقام كثيرة ومهمة لابد من البناء عليها، فالصفحة الرسمية للمنتدى يتابعها أكثر من مليون وثلاثين ألفًا من جنسيات مختلفة وصل عددها حتى الآن إلى ١١٥ جنسية، هذا التنوع من المتابعين يشمل الذكور الذين وصلت نسبتهم إلى ٧٤٪ ووصلت نسبة الإناث إلى ٢٦٪، منهم ٩٥ ٪ تتراوح أعمارهم مابين ١٨ و٣٤ عامًا، أما الانتشار المذهل لهذه الصفحة الخاصة بالمنتدى فوصل إلى ٣١٦ مليون مستخدمًا، حتى الإعلان الخاص به شاهده ٢٦ مليونًا، ألا تستدعي كل هذه الأرقام السرعة في استثمار الحدث حتى يتحقق الهدف الذي أقيم من أجله؟ وألا يستدعي المجهود الكبير الذي لمسناه من القائمين عليه أن يتوج بالنجاح؟
استثمار منتدى شباب العالم يتحقق بغرفة عمليات تعمل طوال العام في اتجاهين، الأول.. تنفيذ توصيات الرئيس التي جاءت على مرأى ومسمع من الجميع في حفل الختام ومنها تحويل المنتدى إلى مركز دولي معني بالحوار العربي الأفريقي الدولي بين شباب العالم، وتكليف وزارات الثقافة والتعليم العالي والاتصالات والخارجية بإنشاء مركز للتواصل الحضاري بين شباب مصر والعالم، ومركز أفريقي تتكلف إنشاءه اللجنة المنظمة لاستيعاب طاقات الشباب الأفريقي ثم وضع استراتيجية لمواجهة الإرهاب والتطرف وعقد ورش عمل وتفعيل آليات التعارف والحوار بين شباب العالم، أما الاتجاه الثاني الذي يجب على غرفة العمليات العمل فيه فيتمثل في التواصل المستمر مع من حضروا المنتدى وتحويلهم إلى سفراء لمصر في أنحاء العالم ورصد زياراتهم لمصر أو من يخصهم لنلمس مدى تأثير مشاركتهم، بالإضافة إلى استقبال مقترحاتهم وردود أفعالهم بعد عودتهم إلى بلدانهم.
basher_hassan@hotmail.com