رئيس التحرير
عصام كامل

إجراءات التعيين.. والسلطة المختصة


القرارات الإدارية لها صور عديدة في التطبيق، منها ما يسمى بالقرار الإداري السلبي حال رفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقًا للقوانين واللوائح، وهذا ما قررته المادة 10 من قانون مجلس الدولة رقم 47 / 1972، وإذا كان القرار الإداري يتطلب أن يكون هناك قدر من السلطة التقديرية للإدارة في إصدار القرار، فانتفاء تلك السلطة التقديرية في هذا الخصوص يجعلنا أمام أعمال مادية تجريها جهة الإدارة وليس أمام قرار إداري.


والمشرع قدر بوجود بعض الحالات التي يجب على الإدارة الإفصاح عن إرادتها فيها، فإن سكتت الإدارة عن الإفصاح بشكل صريح يعد هذا بمثابة قرار سلبي بالرفض، لا يرتب حقوقًا أو مزايا للأفراد ويجوز إلغاؤه في أي وقت، وامتناعها يجعل صاحب الشأن في حيرة من أمره لعدم وجود قرار إيجابي يحدد مركزه القانوني أو يؤثر في هذا المركز، ومن هنا أجاز المشرع لصاحب الشأن أن يطعن في هذا المسلك السلبي، ولقيام القرار السلبي يتعين أن يكون هناك ثمة إلزام على الجهة الإدارية باتخاذ قرار معين إذا لم يكن إصدار مثل هذا القرار واجبًا عليها فإن امتناعها عن إصداره لا يشكل قرارًا سلبيًا، مما يقبل الطعن عليه بالإلغاء وتكون الدعوى جديرة بعدم القبول لانتفاء القرار الإداري، ويثور التساؤل بشأن الإعلان عن شغل الوظيفة، وما يترتب عليه من تعلق حق لذوي الشأن بما تضمنه من شروط لشغل الوظيفة، وما إذا كان الامتناع عن التعيين عقب الإعلان عن شغل الوظيفة يعد من القرارات السلبية؟

فقد قضت المحكمة الإدارية العليا في هذا الشأن بموجب الطعن رقم 2164 لسنة 39 ق - جلسة 18/6/1994- أن للإدارة سلطتها التقديرية في أن لا تقوم بتعيين من لم يستوف هذه الشروط بدعوى أنها عدلت عنها أو استحدثت شروطًا جديدة، وفي ذات الوقت لا يترتب على الإعلان أن ينشأ للمتقدمين مركز في الوظيفة المعلن عنها، وأساس ذلك أن المركز القانوني لا ينشأ إلا بقرار التعيين، والامتناع عن التعيين بعد الإعلان عن شغل الوظيفة من الملاءمات وعليه فتنتفي فكرة القرار السلبي، فلما كانت الإدارة تترخص أصلًا في التعيين بما لها من سلطة تقديرية فهي التي تترخص كذلك في إجرائه واختيار الوقت الذي تجري فيه شغل الوظائف الخالية، والإجراءات السابقة على التعيين لا تلزم السلطة المختصة بالتعيين، ولو كانت قد أعلنت عن شغل الوظائف وأجرت امتحانًا لشغلها. 

إذ تستطيع أن تعدل عن إجراءات الترشيح والامتحان وأن تبقي الوظيفة شاغرة، إذ تقوم السلطة التقديرية للإدارة حتى ولو استوفي المتقدم للوظيفة شروط التعيين فيها، أما بشأن إعلان نتيجة الاختبارات للمتقدمين، فهو قرار يصدر تتويجًا لمجموعة من القرارات والإجراءات المركبة التي تمارس فيها الجهة الإدارية سلطتها التقديرية في الحدود المقررة قانونًا، فهو قرار إيجابي ينشئ مركز قانوني للمتقدم لشغل الوظيفة، ولا يؤثر في طبيعة القرار النهائي، فكل قرار إداري مهما كانت مرتبته في مدارج التصرفات القانونية هو تطبيق لقاعدة أعلى وإنشاء لمركز قانوني جديد تلتزم به القرارات الأدنى.
الجريدة الرسمية