رئيس التحرير
عصام كامل

نجيب محفوظ يكتب: لدينا دين يقدس حقوق الإنسان

فيتو

في جريدة الأهرام عام 1985 كتب الأديب نجيب محفوظ مقالا حول أثر الدين في الشعوب قال فيه:


تشهد حياة الإنسان منذ النشأة الأولى التي عرفها العلم والتاريخ أن الدين كان ولا يزال عنصرا جوهريا في هذه الحياة.. يقوم بدوره الجليل في صدر الإنسان وضميره، ويمتد أثره إلى ميدان المجتمع الفسيح فلا يدع ظاهرة من ظواهره إلا ويؤثر فيها ويضفي عليها من لونه. 

ولذا كانت فكرة الله وهي محور الدين وروحه أكبر ما يعزى بالاطلاع والبحث، وما من مفكر أو عالم إلا وقد تعرض لها، وكان له عنها رأي أو اعتقاد.

أن الصحوة الدينية حركة بعث صحيحة، وانطلاقة روحية لمقاومة الاجتياح المادي وتهافت القيم السامية.. وهي بهذا المضمون تشمل العالم كله لا العالم الإسلامي وحده وإن صاحبها في العالم الإسلامي خاصة رغبة في استهداف الأصالة واستقلال الذات عقب تحرره من مخالب الاستعمار.

وهي تصلح أساسا ثابتا لبناء شخصية متكاملة جديرة حقا بمواجهة العصر ومشكلاته، وتحقيق الذات فيه على مستوى رفيع من التقدم والعطاء اعتمادا على فرائضها التقليدية وفي مقدمتها تقديس العلم والعمل والتضامن والأخوة الإنسانية والاحترام الكامل لحقوق الإنسان.

ولا خوف من هذا كله على وحدتنا الوطنية ولا تطلعاتنا العصرية ولا على أحلامنا المستقبلية باعتبار الدين ثورة دائمة على الجهل والتعصب والفساد وتفتح دائما لما ينفع الناس ويدفع بهم إلى الأمام في مجالات القوة والعرفان والقيم.. إلا أنه لا علاقة لذلك كله بالانحراف والعنف والإرهاب وتجاهل الواقع والزمن.

وسر المأساة أن تلك الصحوة النقية صادفتها في الطريق ظروف تعنت وارهاق ترجع في الغالب إلى أنظمة حكم اتسمت بالفساد فتراكمت المشكلات مما أغرى الشباب بالميل إلى أصوات متعصبة عنيفة جاهلة والانتماء إلى فلسفات بائدة أفرزتها عصور قديمة من القهر والهزيمة.

لن يتأتى العلاج إلا بإزالة أسباب المرض ودواعيه وتقديم القدوة الصالحة المقنعة، والعمل الجاد المتواصل للإنتاج كى نخرج من عنق الزجاجة إلى حياة متوازنة ينتعش فيها الأمل، ويعود الفرد إلى تفكيره السليم، وأفكاره الصحيحة وصحوته الروحية الحقيقية.
الجريدة الرسمية