مايوه «إسراء» وحجاب «نهى»
لم يتوقف حديث رواد مواقع التواصل الاجتماعي عنهما طوال الأيام الماضية، ففي قفص الاتهام وضعهما البعض، وعنهما دافع البعض الآخر، ثمة قواسم مشتركة تجمع بينهما، أبرزها الولع بأمريكا والإيمان بسياساتها تجاه الشرق الأوسط وخاصة مصر، وكلتاهما تتحدثان عن حقوق الإنسان، أما الأولى فهي إسراء عبدالفتاح التي ظهرت مع أحداث يناير ٢٠١١ وكان لقب (الناشطة السياسية) أحد مكتسباتها من تلك الأحداث إلى جانب تحولها بقدرة قادر إلى كاتبة صحفية، كما جنت ثمار سفرياتها الكثيرة التي مهدت لما أسمته ثورة، والثانية هي نهى عبدالكريم.. مصرية الأصل وأمريكية الجنسية، وقد حلت ضيفة على منتدى شباب العالم وحتى الآن لا أعرف لها توصيفًا، ولتكن البداية بإسراء التي اختفت ثم عادت، يفرضها علينا ذلك (المايوه) الزاهية ألوانه، وإرهاصات حالة استجمام تعيشها على الشاطئ، وفجأة..
تحول المايوه إلى سلاح يحاربها به رواد السوشيال ميديا، ومع رفضي التام لاقتحام الخصوصية واستباحة العورات.. إلا أنها سنة مواقع التواصل الاجتماعي التي سنتها إسراء وزملاؤها عندما استباحوا في نفس المواقع أعراض كل من خالفهم الرأي أثناء أحداث يناير.
محاولات ترويض كثيرة لإسراء طوال السنوات الماضية جعلت منها منظرة سياسية على الشاشات وكاتبة مقال، وحالة من التدليل والترضية إنعكست على مجريات حياتها، حتى أننا ظننا أنها على صواب ونحن على خطأ، وهي التي صوبت وشركاؤها في أحداث يناير سهامهم تجاه الجيش والشرطة وهتفوا ضدهما وهاجموا القضاء وتجاوزوا في حق غالبية الشعب عندما زرعوا الفتنة وشوهوا الرموز بتوجيهات من الخارج.
وعلى الرغم من خلافي الأبدي مع إسراء وشركائها واتهامي لهم بالمشاركة في تدمير الوطن، وعلى الرغم من الغصة التي أصابتني والكثيرين من تدليلها وحصولها على ما لا تستحق.. فإنني أتساءل: لماذا هذه الهجمة عليها في هذا التوقيت؟ هل اكتشفنا كل هذه التهم المتداولة ضدها فجأة ولم نكن نعلم عنها شيئًا من قبل؟ إسراء لا تستطيع السير بمفردها في الشارع والإفصاح عن شخصيتها منذ يناير ٢٠١١ وحتى الآن، فلماذا تم احتواؤها بهذا الشكل الذي كاد أن يفقدنا الثقة في الجميع؟ هل كانت إسراء طوق نجاة للبعض أثناء أحداث يناير فتم استقطابها ثم إقصاؤها بعد أن نفد رصيدها؟ بعض القنوات استقطبت ابن القرضاوي وغيره لتقديم برامج عقب الأحداث للإفلات من ألسنتهم ثم أقصوهم بعد هدوء العاصفة.. فهل ينطبق هذا على إسراء؟ أنا لم أقل إن هذا عيبًا، فكل الحيل كانت مباحة ومتاحة للنجاة من همجية إنفلات يناير، لكني أتساءل ربما أجد مبررًا لبقاء إسراء عبدالفتاح في حالة تدليل طوال هذه السنوات.
على أي حال.. زالت الغصة من الحلوق عندما تجردت إسراء من مميزات إكتسبتها، وأعتقد أن هناك أدلة كثيرة لمحاسبتها إذا كان وقت الحساب قد آن، لأن استخدام سلاح (المايوه)، ما هو إلا اقتحام للخصوصيات واستباحة للأعراض، وهو أمر مرفوض ويتعارض مع قيمنا وديننا.
أما نهى عبدالكريم، ضيفة منتدى شباب العالم.. فكان حجابها قبل هجرتها إلى أمريكا ثم سفورها.. هو مدخل رواد السوشيال ميديا للهجوم عليها، والسبب هو تعاليها وحدتها في التعامل مع واحدة من مذيعات منتدى الشباب، احتجت نهى على عدم إتاحة الفرصة لها في الكلام أسوة بباقي الضيوف، فكان في احتجاجها تجاوزًا ليس في حق المذيعة فقط.. ولكن في حق المصريين، خاصة عندما قالت للمذيعة: أنا جاية من أمريكا أفيد بلدك، فاستحقت المذيعة التحية على رد فعلها المتحضر، واستحقت المصرية المتعالية بجنسيتها الأمريكية هذا الهجوم من رواد السوشيال ميديا، وكان هجومًا تلقائيًا لن يوقفه شبه الاعتذار الذي قدمته.
لكن الذي نرفضه.. ذلك الهجوم على هذه السيدة نصف الأمريكية من مذيعين مصريين كبار، حيث اتهموها بالخيانة والعمل لحساب أجهزة مخابراتية معادية، وقالوا إنها صديقة للبرادعي وكتبت فيه أشعارًا، وأن أردوغان زار جمعيتها الحقوقية أثناء زيارته الأخيرة إلى أمريكا، إذا كانت هذه السيدة تحمل كل هذا العداء لمصر.. فلماذا تمت دعوتها لحضور منتدى الشباب؟! لذلك نحن أمام أمرين.. إما أن القائمين على المنتدى أخطأوا عندما وجهوا الدعوة لها وهي تحمل كل هذه الكراهية لمصر؟ أو أن المذيعين أخطأوا في توجيه اتهامات غير صحيحة إليها وهذا إذا صح فهو مرفوض لأنها اتهامات ترقى عقوبتها إلى حد الإعدام.
basher_hassan@hotmail.com