رئيس التحرير
عصام كامل

ليديا يؤانس تكتب.. «السيخية»

ليديا يؤانس
ليديا يؤانس

من نحو فترة قد تمتد لعدة شهور، كُنت قد التقيت بأحد المطاعم التي اعتدت ارتيادها، بسيدة جميلة جدًا في مُقتبل العمر، كندية الجنسية ولكنها تحمل جذورًا هندية، تحدثنا في ذلك الوقت، عن كلمة مكونة من حرفين، ولكنهما محور الحياة، وقرون الاستشعار لأعمق عاطفة في الوجود وهيّ "الحُب".


قالت جاجان، أنها تُحب شهر فبراير ومن مواليده، تُحبه لأنه كما يُطلقون عليه أنه شهر "الحب"، وأستطردت قائلة، نحن في ديانة "السيخية" نُحب كل الناس بدون تحفُظات، بدون شروط،، وأيضًا بدون تعليق "without attachment"!

العالم مليء بالديانات والعقائد المُختلفة، والتي قد يفوق عددها المئات!

أما في بلاد المشرق، يعتقدون أن الديانات هي الديانات الإبراهيمية الثلاثة فقط؛ اليهودية والمسيحية والإسلام، وغير ذلك لا يصنفونه على أنه عقيدة أو ديانة حتى ولو كانت هذه العقائد تؤمن بوجود الإله الواحد!

ليس معني أن الشخص يعترف بوجود عقيدة معينة، أو ديانة معينة أنه يدين بهذه العقيدة أو هذا الدين!
ببساطة لأن العقيدة أو الدين موجود سواء إعترفت أو لم تعترف أنت أو غيرك به!

العالم الآن تتصارع على سطحه خمس عقائد عُظمي، وكل عقيدة تحاول أن يكون لها وجود مؤثر وفعال عالميًا.
على حسب آخر إحصائيات بالنسبة للأديان، تحتل المسيحية المركز الأول يليها الإسلام، ثم اليهودية، ثم الهندوسية، ثم السيخية.

إنتهزت الفرصة وحاولت أن أفهم أكثر عن عقيدة أو ديانة "السيخية" من شخص يدين بها، فطلبت من جاجان أن تحدثني بإستفاضة عن ديانتها.

قالت: إنها تُدين بعقيدة اسمها "السيخ".
السيخية تأتي من كلمة "سيخ" والتي تأتي من الجذر السنكسريتي التي تعني التلميذ.
أما لقب "غورو" المشهور في الهند يعني "المُعلم".

واستطردت قائلة:

نحن نُحب كل الناس لأن "السيخية" تؤمن بالمساواة بين أعراق وألوان البشر، أهم ما يُميز عقيدتنا عن عقائد وديانات أخرى، هو أنها تؤمن بالمساواة بين الرجل والمرأة في المعاملات والمواريث، ونؤمن أيضًا بزوجة واحدة فقط.

كنت على وشك سؤالها عن وجود الإله في عقيدتهم، ولكنها سبقتني قائلة، "نحن نؤمن بإله واحد، لا يتجسد، ولا يدركه عقل".
إنهم يؤمنون بوحدانية الله، ويعظمونه، ولكنهم لا يؤمنون بالوحي!
إنهم لا يؤمنون بأن هناك شعب مُفضل عند الله دون الأخر!

واستطردت جاجان قائلة: نحن لا نؤمن بالرهبنة، كما هو معروف في عقائد أخرى، نحن نريد أن يسعى كل فرد إلى طلب الرزق، وألا يكون سلبيًا في الحياة، ومتواكلًا على الآخرين في معيشته، كما هو الحال في مذهب الهندوس الذي يرغب أتباعه في الرهبنة وترك العمل.

كما عرفت من جاجان أن الديانة السيخية، ليست ديانة قديمة ولكنها حديثة العهد فهيّ من القرن الخامس عشر الميلادي، هي عقيدة توفيقية ما بين عناصر العبادة الهندوسية والتوحيد في الديانات الإبراهيمية، وأضافت أن أتباعها يعتقدون، أن ديانة السيخية بدأت في شمال الهند.

السيخية ديانة بدأت بالدعوة لإتباع تعليمات واحد اسمه "غورو ناناك" وخلفائه التسعة.

قالت لي: أي واحد سيخي أو سيخية أي الذين يدينون بالسييخية يحرصون على الإلتزام بالقواعد الخمسة والتي تعتبر بمثابة الهدي الظاهر لهم، ويُرمز لهم، بال"5 كاف" وذلك لأن كل قاعدة من هذه القواعد الخمس تبدأ بحرف الكاف.

يطلقون على هذه القواعد الخمس، الكافات الخمس، أو الخمسة كاكاررس، ويجب على الشخص السيخي الإلتزام بهذه الكافات الخمس وإلا يُعبر "Patit" أي "مُرتد"، ولكنهم لا يقتلون المُرتد.

يلتزم الرجل السيخي، بإطالة شعر الرأس واللحية وعدم حلقهما، وتُسمي هذه الحالة "Ksh" أي الكيسا.
ويستخدم الرجل السيخي مشط مخصوص لتسريح شعره، هذا المشط يُعرف باسم "الكنغاها" أي "Kangha".

يرتدي الرجل السيخي سروال مُتسع ينتهي تحت الركبتين، اسمه الكاشا "Kaccha"، هذا السروال يشبه الشورت العسكري.

يرتدي أيضًا، سوارًا من الفولاذ حول المعصم، يُعرف باسم الكارا "Kara"، ويُحرم على الرجل السيخي إرتداء جميع أنواع الحُلي والمجوهرات.

يحمل الرجل السيخي خنجر من الفولاذ للتحلي به، وأيضًا لكي يحمي نفسه من أعدائه.

ثم أضافت جاجان معلومة عن الكتاب المقدس عندهم، فقالت: أنه يوجد كتابين مقدسين للسيخية وهُم (ادي جرانت & داسم جرانت).

الغورو جرانت وهذا هو الكتاب الأول وهو الكتاب الأكثر قداسة والمقدس عند السيخ، والذي كتبه هو الغورو أو المعلم الخامس أرجان، حيث جمع فيه كل التعاليم السيخية، والتي لم تُسجل في كتاب واحد إلا في عصره.

أضاف الغورو إلى هذا الكتاب بعض النصوص المقدسة، التي تستخدم في طقوس االصلاة والزواج والمولود والتعميد والجنائز وغيره.

يحتفل السيخ بعدة أعياد، منها عيد البيساكي، وهو عيد رأس السنة السيخية ويوافق 15 أبريل من كل عام، كما يحتفلون بعيد ميلاد الغورو ناناك الذي أسس السيخية.

السيخ موجودين حول أنحاءالعالم، وأهم تجمعات للسيخ توجد بالهند، كما توجد تجمعات أصغر في باكستان وأفغانستان.

بدأت انتشار السيخية مع بداية القرن التاسع عشر، فتجد تجمعات للسيخ في كندا (أونتاريو)، الشرق الأوسط، الكويت والبحرين وشرق أفريقيا، وغرب أوروبا.

المكان الذي يتعبد فيه السيخ أي المعبد يُسمي "غور دوارا" أو الهيكل الذهبي، وهذا هو المعبد الرئيسي وموجود بالهند، ويحج إليه السيخ من كل مكان، ويقع المعبد في مدينة أمريتسار في ولاية البنجاب.

المعبد مصنوع من الرخام، مربع الشكل، ذو قبة نحاسية مُذهبة، وأبواب المعبد قائمة في جوانبه الأربعة، وقد تم تشييده في عام 1604 ميلادية.

الجريدة الرسمية