رئيس التحرير
عصام كامل

تحالف السعودية وأمريكا في مواجهة إيران لا يخلو من مجازفات

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

اختارت الولايات المتحدة الجهة التي تدعمها في الأزمة الجديدة التي تعصف بالشرق الأوسط، لكن وقوفها إلى جانب السعودية في مواجهة إيران لا يخلو من مجازفات.


وتعليقا على حملة غير مسبوقة طالت، السبت، أمراء ومسئولين حاليين وسابقين ورجال أعمال في إطار مكافحة الفساد في المملكة، كتب الرئيس دونالد ترامب الإثنين على تويتر: "لدي ثقة كاملة بالملك سلمان وولي عهد السعودية، أنهما يعلمان تماما ماذا يفعلان".
وأكد ترامب أن "بعضا ممن يعاملانهم بقسوة" ابتلعوا ثروات البلاد منذ أعوام.

وردا على سؤال عن انزلاقات محتملة في حملة الاعتقالات التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان العازم على إحكام قبضته على الأمور، اكتفت الخارجية الأمريكية بتشجيع الرياض على "ملاحقة" المشتبه بهم "في شكل عادل وشفاف".

والسعودية حليف قديم للولايات المتحدة، زارها ترامب في مايو في أول جولة خارجية يقوم بها كرئيس ومنها دعا إلى "عزل" إيران لاحتواء نفوذها المتنامي في الشرق الأوسط.

وهو أيد في مرحلة أولى الحصار الذي فرضه السعوديون على قطر في يونيو رغم أن الدبلوماسية الأمريكية حاولت القيام بوساطة لاحتواء الأزمة بين الدوحة وجيرانها الخليجيين.

والتحالف مع مملكة محافظة تتبع المذهب الوهابي المتزمت كان يبرر دوما بـ"الاستقرار" الذي تجسده.

لكن باربرا سلايفن من مجلس الأطلسي للأبحاث نبهت إلى أن القرارات الأخيرة التي اتخذها ولي العهد الشاب (32 عاما) تهدد على العكس بـ"تأجيج عدم الاستقرار السياسي".

وأضافت لفرانس برس أنه رغم أن برنامجه "رؤية 2030" لتحديث الاقتصاد وتنويعه وإضفاء طابع ليبرالي على المجتمع هو "موضع ترحيب"، فإن شبح "انتقام فروع استهدفت من العائلة المالكة" يخيم على الرياض.

بدوره، اعتبر الباحث بروس ريدل في مقال نشرته مؤسسة بروكينجز أن الملك المسن ونجله الطموح "كرسا قطيعة مع السياسة التقليدية القائمة على التوافق" و"قد تكون النتيجة مملكة اقل استقرار وسياسات أكثر اندفاعا وأقل توقعا".

خلال مؤتمر هذا الأسبوع، اختصر لوري بلوتكن من معهد واشنطن الوضع في المملكة بالقول أن "زلزال نهاية الأسبوع لم ينته على الأرجح".

والمشهد الملتبس في السعودية يرافقه توتر في المنطقة، وهنا أيضا تقف واشنطن إلى جانب الرياض.

فالخارجية الأمريكية نددت بـ"هيمنة" حزب الله الشيعي، حليف إيران، على لبنان تعليقا على الاستقالة المفاجئة لرئيس وزرائه سعد الحريري والتي اعتبر بعض المراقبين أن الرياض أملتها عليه.

وحذرت باربرا سلايفن من أن هذه الخطوة تؤشر إلى "خطر فعلي لوقوع حرب جديدة في لبنان".

منذ نهاية الأسبوع، تتصاعد الحرب الكلامية بين إيران والسعودية ويتركز مضمونها على مصير لبنان والنزاع في اليمن الذي تسبب بأزمة إنسانية خطيرة.

وفي هذا السياق، اتهم ولي العهد السعودي إيران بشن "عدوان مباشر" على بلاده بعد اعتراض السعودية صاروخًا أطلقه المتمردون الحوثيون الذين تدعمهم طهران في اتجاه مطار الرياض، وبدورها، وجهت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي أصابع الاتهام إلى إيران.

لكن الرد جاء الأربعاء على لسان الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي دعا الرياض إلى الحذر من "قوة ومكانة" بلاده، مشددا على أنه "ليس من وسيلة سوى الأخوة والصداقة ومساعدة أحدنا الآخر".

ورأت سلايفن أن "تركيز محمد بن سلمان على إيران وحربه المدمرة في اليمن وانتقامه من قطر وهذا التطهير الاستثنائي" في إشارة إلى حملة الاعتقالات الأخيرة، هي "خيارات تشوبها مجازفة كبرى يمكن أن ترتد عليه"، مشددة على أن "دعم ترامب غير المشروط يثير قلقا كبيرا".

إضافة إلى القلق المشترك حيال إيران، تختصر الباحثة أسباب هذا الدعم بان ترامب "أعجب كثيرا" بالاستقبال الذي حظي به في الرياض فضلا عن إصغائه إلى نصائح صهره ومستشاره جاريد كوشنر الذي نسج علاقة وثيقة مع ولي العهد السعودي، و"يأمل بعقود رابحة للشركات الأمريكية"، كذلك يهادن الرئيس الأمريكي السعوديين ليختاروا وول ستريت حين يقررون طرح أسهم مجموعة أرامكو العملاقة في البورصة.

ولاحظ بروس ريدل أن "إدارة ترامب ربطت الولايات المتحدة بولي العهد الشاب والمتهور ويبدو أنها غير مدركة للمخاطر التي تزداد يوما بعد يوم".
الجريدة الرسمية