رئيس التحرير
عصام كامل

أبوابه مفتوحة لأصحاب النفوذ والنفاق!


المحتوى الإعلامي في الصحف والفضائيات صار غثًا بلا هوية، مليئًا بالحشو لا يفيد المجتمع بل يشوه صورة الدولة والشعب بعد غياب الفكر الهادف إعلاميًا، القادر على صياغة رؤية خلاقة وتبني واجبات الوقت وأولوياته، مثل الاشتباك مع قضايا مثل الأمية وتراجع التعليم، وتردي الأخلاق، وتحقيق زيادة حقيقية في الإنتاج، ومحاربة الظواهر السلبية كالإدمان والعنف وغيرهما من قضايا الوطن.


غياب الحس الإعلامي ولا أقول الوطني، ناتج عن غياب العلم والموهبة والخبرة وانعدام التدريب وعدم تناقل الخبرات والجهل بدور الإعلام وحدوده، فالإعلام مثله مثل أي مهنة هو علم لا فهلوة، بل إنه من أخطر المجالات العملية؛ فهو يبني أممًا أو يهدمها بكلمة أو صورة أو لقطة.. والأهم أنه جزء أصيل وكاشف لمنظومة ثقافية وفكرية وفنية، تحدد توجهات الدولة وأولوياتها، وتعكس المحتوى الفكري والثقافي والسلوكي لشعبها. وإنه لأمر غريب حقًا ألا يُسمح لأي من كان بممارسة الطب أو الهندسة أو المحاماة إلا إذا كان دارسًا ويحمل شهادة في تلك التخصصات.. إلا الإعلام فإن أبوابه مفتوحة على مصراعيها ليس لمن يملك العلم والفهم والحس والرؤية بل لمن يستطيع اقتحام المجال بعلاقاته ونفوذه أو بماله وتربيطاته.

فإذا كان مشرط الجراح يمكنه أن يطبب أو يقتل فهل يُسمح لأي شخص بأن يمسك به دون تأهيل أو تدريب فيطبب من يطبب ويزهق روح من يزهق.. فكيف نسمح للهواة والدخلاء بأن يحملوا الأقلام والميكروفونات ليصوغوا وعي هذا الشعب ويرسموا له طريقه ومساره ومستقبله.. ألا يكفي ما وصل إليه حال إعلامنا من تدهور حتى نفهم جذور الأزمة وحقيقتها.. هل نحتاج إلى دليل لندرك إلى أي مدى يفتقد كثير من مذيعينا وصحفيينا الكفاءة والمهنية والحصافة حتى أن بعضهم يعتقدون أن الحرية معناها أن ينشروا أو يذيعوا ما يشاءون دون تحقق أو تثبت أو مراعاة للأمن القومي الذي أضير كثيرًا بأخطاء بعض الإعلاميين.
الجريدة الرسمية