الاحتلال أصبح وجودا استشاريا!!
هذا الأسبوع شهد العديد من المفاجآت على المستوى الإقليمى سنحاول إلقاء الضوء عليها، مع التأكيد أن العدو الأمريكى – الصهيونى بمشروعه التقسيمي التفتيتي هو القاسم المشترك الأعظم بين هذه الأحداث والمفاجآت جميعا، وتعد زيارة المسئول الأمني الأمريكى رفيع المستوى -كما وصفته وسائل الإعلام- لدمشق ولقائه مع اللواء على مملوك رئيس مكتب الأمن الوطنى السورى، رجل المهام الصعبة الذي أجرى زيارات لعدة دول وعواصم عربية خلال الشهور الماضية، وبالطبع لم يعلن ولم يسرب لوسائل الإعلام طبيعة المهمة أو الرسالة التي حملها المسئول الأمني الأمريكى، لكن وبغض النظر عن حقيقة ما دار في اللقاء فهناك عدة رسائل مهمة للغاية يمكن استنتاجها.
وتعد الرسالة الأولى من وراء الزيارة هي اعتراف أمريكا بفشل مشروعها التقسيمي والتفتيتى لسوريا، خاصة بعد النجاحات التي حققها الجيش العربي السوري مؤخرًا في دحره للجماعات الإرهابية المسلحة التي تعمل بالوكالة على الأرض السورية لصالح الأصيل في هذه الحرب الكونية وهى الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها الصهيونية.
والرسالة الثانية هي أن العدو الأمريكى هو الذي يسعى إلى سورية للبحث عن حل سياسي بعدما فشلت الحلول العسكرية التي أنفقت عليها أمريكا وحلفاؤها مليارات الدولارات، هذا إلى جانب آلاف الأطنان من الأسلحة التي تم استخدامها في هذه الحرب الكونية عبر السبع سنوات الماضية، وفى ظل هذا الفشل تذهب أمريكا إلى النظام الذي سعت إلى إسقاطه في محاولة للحوار معه، وهنا تتحقق نبوءات الرئيس بشار الأسد الذي تحدث أكثر من مرة عن أن السيد الأمريكى سيأتى يومًا للجلوس معنا للتفاوض باعتباره الأصيل في هذه الحرب وليس غيره.
والرسالة الثالثة تتمثل في رفض سوريا أن يلتقي أي مسئول سياسي سورى مع المبعوث الأمني الأمريكى مهما كانت أهميته، وحصر الزيارة في الجوانب الأمنية، وهو ما يبرز قوة سوريا وحديثها من أرضية المنتصر الذي يملك قراره، ولعل ما يبرهن على ذلك ويؤكده هي الكلمات الاحتجاجية الصارمة للواء على مملوك للمبعوث الأمني الأمريكى والتي ذكرتها رويترز "أن وجود القوات الأمريكية على الأراضي السورية يعد احتلالا " فكان رد المسئول الأمريكى مخزيا "وجودنا استشارى ونحن نقاتل داعش" والجميع الآن يعلم أن داعش وغيرها من الفصائل الإرهابية المسلحة التي دحرها الجيش العربي السوري هي صناعة أمريكية خالصة.
والرسالة الرابعة هي اعتراف الإدارة الأمريكية بشرعية القيادة السورية، وتسليمها ببقاء الرئيس بشار الأسد، ومحاولة فتح حوار معه بعدما تأكدت أنه من المستحيل الإطاحة به، وهو اعتراف بهزيمة المشروع التقسيمي والتفتيتى لسوريا، وانتصار للمشروع المقاوم الذي تشكل فيه سورية شعبا وجيشا وقائدا رأس حربة، وبالطبع الولايات المتحدة الأمريكية بهذه المساعى تحاول حفظ ماء وجهها وهيبتها كدولة عظمى في العالم، تريد أن تكون حاضرة على طاولة المفاوضات في المرحلة الأخيرة من انتهاء الأزمة.
وإذا كانت هذه هي المفاجأة الأولى فقد تواكبت مع مفاجأة أخرى لا تقل أهمية وهي خروج حمد بن جاسم على bbc وتأكيده أن مشروع تقسيم وتفتيت الوطن العربي والتدمير الممنهج الذي تم في مصر وليبيا وسورية واليمن كان تنفيذا للأوامر الأمريكية، وأن ما أنفق على الحرب في سورية من يوم انطلاقها حتى الآن يتجاوز 137 مليار دولار، جزء كبير منها ذهب إلى أمراء التنظيمات الإرهابية المسلحة، وبعضها ذهب إلى جيوب المنشقين السوريين، وتبين الأرقام مدى الإجرام الذي مارسته الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها في حق سوريا ورغم ذلك انتصرت وهزمت أمريكا ومشروعها.
وجاءت المفاجأة الثالثة المدوية بإعلان رئيس الوزراء اللبنانى سعد الحريرى استقالته في محاولة لإعادة لبنان إلى الفتنة لتنشغل بأحوالها الداخلية وتبتعد عن المساهمة في تحرير كامل الجغرافيا السورية.
ثم كانت المفاجأة الأخيرة المدوية وهي حملة اعتقالات واسعة لعدد كبير من الأمراء والمسئولين السعوديين بحجة الفساد المالي، وهو ما جعل كل وسائل الإعلام العالمية تتجه صوب المملكة لتتابع ما يمكن أن تشهده الأيام القادمة.
نعود مرة أخرى لنطرح من المستفيد من كل ما يحدث على الأرض العربية سواء في سوريا أو لبنان أو مصر أو ليبيا أو اليمن أو حتى السعودية، من المؤكد أن المستفيد الأكبر هو أمريكا وحليفتها الصهيونية، فاستمرار الحروب والنزاعات والفتن يعنى مزيدًا من بيع السلاح الأمريكى ومزيدا من الأموال التي تدخل الخزانة الأمريكية، هذا إلى جانب انشغال جيوشنا الوطنية بمحاربة الإرهاب والانصراف عن أي مواجهة محتملة مع العدو الصهيونى، ورغم كل ذلك ما زال غالبية الحكام العرب ينفذون التعليمات الأمريكية، لذلك لا عجب أن تعتبر أمريكا احتلالها للأرض العربية وجودا استشاريا، اللهم بلغت اللهم فاشهد.