رئيس التحرير
عصام كامل

سقوط الإعلام!


يقيني أنه ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع.. ينطبق ذلك القول الأثير تمامًا على دخلاء الإعلام الذين يصعدون إلى صدارة المشهد دونما جدارة أو استحقاق ثم سرعان ما تهوى بهم الشهرة في وادٍ سحيق من النسيان، ويسقطون سقوطًا مروعًا، والدليل على ذلك أننا إذا سألنا: كم إعلاميًا التصق بذاكرة الجماهير وسط هذا الكم من الوجوه الإعلامية التي تلون أغلبها مع كل العصور والأنظمة بلا خجل، وقد رأيناهم رأي العين على مختلف الشاشات والصحف والمواقع.


أكبر دليل على سقوط الإعلام هو ذلك الارتباك الذي شاب الأداء في أعقاب حادث الواحات، وكم المعلومات الخاطئة والمغلوطة وربما المدسوسة التي جرى بثها عبر الشاشات ووسائل الميديا المختلفة وصولًا إلى مواقع التواصل الاجتماعي.. ولعل واقعة التسريبات التي أضرت بالمصلحة العليا للبلاد ولم تستطع نقابة الإعلام محاسبة المتسبب فيها حتى هذه اللحظة خير دليل على ما وصلنا إليه من تردٍ وإسفاف وعبث إعلامي.

غياب معايير الالتحاق بمهنة الإعلام ( صحافة وتليفزيونًا ) أضر ضررًا بالغًا بخريجي الإعلام وأقسامه الكثيرة، وأضاع عليهم كثيرًا من الجهد والمال اللذين بذلوهما أملًا في الالتحاق بوظيفة طالما حلموا بها.. كثير من هؤلاء تخرجوا في كلية الإعلام العريقة التي شهدت انطلاق أولى دفعاتها عام 1975، والتي يدرس طلابها تخصصات إعلامية مختلفة في فنون الصحافة والتليفزيون، بالإضافة إلى دراسات في علوم الاجتماع والسياسة والاقتصاد والتشريعات، ناهيك عن مبادئ المهنة وأخلاقياتها.. ومن ثم أهَّلت خريجيها ليكونوا إعلاميي المستقبل، القادرين على أداء مهنتهم بعلم وموهبة، وتوظيف ذلك السلاح الخطير ذي الحدين، وتطويعه لخدمة قضايا الأمة والمجتمع وتنميته بإنتاج محتوى خلاق قوي وعميق يلمس أوتار المتلقي ويغذي عقله وروحه ووجدانه، ويبني اتجاهات الرأي العام بصورة إيجابية، وينمي الوعي وينقل الأحداث والأخبار بتجرد وموضوعية، ويكشف عن أوجه القصور والفساد..

وظني أنه من بين كل هذه الدفعات لم يجد طريقه إلى المهنة بصورة طبيعية إلا خريج الدفعتين الأولى والثانية من كلية الإعلام.. فهؤلاء وجدوا قبولًا من الصحف وقنوات التليفزيون.. أما بقية الدفعات فقد غرقوا في دوامة البطالة أو انصرفوا إلى أعمال أبعد ما تكون عن مجال تخصصهم الحقيقي الذي سهروا في دراسته الليالي؛ أملًا في "وظيفة إعلامية".
الجريدة الرسمية