رئيس التحرير
عصام كامل

رسالة من مصطفى باشا كامل


عاد الحديث من جديد حول الحدود بين مصر ودولة السودان، وأكد متحدثون سودانيون أن الرئيس المصرى قد تفهم حق السودان فى حلايب وشلاتين. وهذه المنطقة تضم مثلثا مساحته عشرين كيلو مترا ونصف الكيلومتر وداخله ثلاثة بلاد هى حلايب وأبو رماد وشلاتين وتتبع مصر إداريا. وقد تعمد الإنجليز خلال فترة الاستعمار اعتبارها منطقة تابعة إداريا لحكومة السودان، وهى لعبة إنجليزية تهدف إلى إثارة خلافات حدودية مثلما فعلوا فى تقسيم رفح إلى جزء فلسطينى وقطاع مصرى، وفعلوا ذلك أيضا فى واحة جعبوب بين مصر وليبيا.


ويبدو أن محمد مرسى الذى يجلس الآن، وحتى إشعار آخر فى مقر رئاسة الجمهورية، لا يعرف ذلك وتأتى تحركاته مدعمة للعبة البريطانية القديمة، عن جهل، ولا أقول عن عمد. ويبدو أنه ينتوى تكرار ذلك مع أصدقائه فى قطاع غزة، ولم يحن الوقت ليفرط فى منطقة جديدة على حدودنا الغربية مع الشقيقة ليبيا حيث واحة جعبوب المصرية التى وافقت بريطانيا على فرض السيادة الإيطالية عليها أثناء الاحتلال الإيطالى لليبيا.

وعندما كنت أطالع المراجع التاريخية التى تروى تفاصيل اللعبة البريطانية صادفت تصريحا للزعيم الوطنى مصطفى كامل رأيت أن أنقله إلى من يجهل ما لم يجهله مصطفى باشا كامل وكأنه يوجه كلامه الآن إلى من يجهلون. يقول الزعيم مصطفى باشا كامل بالحرف الواحد:
«إن من يتسامح فى حقوق بلاده ولو مرة واحدة يبقى أبد الدهر مزعزع العقيدة سقيم الوجدان». 

وأخشى أن يكون صاحب تصريحات التسامح لا يعرف من مصطفى كامل الذى يقف تمثاله وسط القاهرة وقد سجل على قاعدته كلمته الخالدة «لو لم أكن مصريا لوددت أن أكون مصريا». ولا نقبل من أحد أن يزايد على مصطفى كامل متسترا بقميص الإسلام لأن هذا الزعيم المصرى كان صاحب الدعوة إلى إنشاء الجامعة الإسلامية وكان أول من طالب بتجمع إسلامى وطنى وواجه بدعوته هذه الإمبراطورية البريطانية يوم أن كانت الشمس لا تغيب عنها، وقبل أن يكون للولايات المتحدة سلطان على الذين دخلوا تحت جناحها وتنكروا لمواقفهم السابقة وسارعوا إلى كسب رضاء إسرائيل بعد أن كانوا يتهمون من يعترف بها بالخيانة وأحيانا بالكفر.

وليتهم يقرءون التاريخ ليتجنبوا تحقيق أهداف استعمارية تنبه لها من قبل مصطفى كامل الذى توفى منذ أكثر من مائة عام، وتحديدا فى العام الثامن من القرن الماضى، وعن عمر يناهز الرابعة والثلاثين عاما، وترك لنا كلمات خالدة يحذر فيها هؤلاء الذين لم يطلعوا على كلماته التى قال فيها إن من يتسامح فى حقوق بلاده يبقى مزعزع العقيدة سقيم الوجدان.

وقد عرف رؤساء العهد البائد ذلك، ولم يتسامح أحد من الرؤساء الثلاثة، عبدالناصر والسادات ومبارك، فى حقوق بلدهم.

وليت صاحبنا يترك المسئولية لمن يسير على نهج الرؤساء الثلاثة الذين لن يتسامح أحد منهم فى ذرة واحدة من تراب مصر.

ونسأل الله العافية..
الجريدة الرسمية