رئيس التحرير
عصام كامل

إعلام الأزمات.. وحادث الواحات!


نصبنا المشانق وجهزنا المشانق وجلدنا الإعلام وراح الجميع ينظر ويحكم بأن قنواتنا لم تعلن الحداد وأن أبواق إعلامنا لا تلقي بالا بأحداث الواحات وبشهدائنا الأبرار ولم نعلن على تترات قنواتنا أن مصر تحارب الإرهاب، راح الجميع يكيل الاتهامات للإعلام وكأنه المسئول الأول عن الأحداث أو أنه بالفعل فشل في التعامل مع معطيات الواقع، وهنا لا أقف مدافعًا عن الإعلام ولكني أتحدث عن قضية التعامل مع حادث الواحات تحديدًا.


حتى نكون منصفين وحتى نسد الباب على القيل والقال فإن صدور بيانات رسمية عن المتحدث الرسمي ضرورة حتمية في وقت الأزمات وتغلق أبواب التأويل والتحريف والتأليف لاطلاع الرأي العام بما هو مسموح من المعلومات وبما لا يمثل إفادة للقوى المضادة وتأخير صدور بيانات رسمية أثناء الأزمات أمر غير مستساغ في علم إدارة الأزمات.

نعم صحيح وعن جد أن مصر تحارب الإرهاب دون أن نروج للشعار بل نتحدث بالأفعال، وهو ما حدث بالفعل منذ يومين عندما دكت قواتنا المسلحة فلول الإرهابيين بالواحات.. نعم إن الحديث المتصل عن الإرهاب في قنوات التليفزيون ليل نهار من شأنه أن يُعمق الجراح ويُصدر صورة سلبية عن مصر ويقف حجر عثرة ضد الاقتصاد والاستثمار والسياحة.

أتذكر جيدًا عندما ثبت التليفزيون المصرى على صدر قنواته شعار "مصر تحارب الإرهاب" لشهور كانت لها أثر سلبى مما حدا ببعض منظمى الرحلات التواصل والشكوى لوزير السياحة هشام زعزوع آنذاك من أن ذلك الشعار له تأثير سلبى فى الصورة الذهنية لمصر في الخارج قائلين: كيف نروج سياحيا لبلد يحارب الإرهاب بما دفع وزارة السياحة لمخاطبة وزارة الإعلام بالتدخل للتخلي عن ذلك الشعار لتأثيره السلبي فى الصورة الذهنية لمصر!

لذا فإنى مؤيد لعدم تركيز التليفزيون بالدرجة الأولى على أحداث الإرهاب وضد ترديد الكلمة ليل نهار بالقدر الذي يسهم في لفت النظر إلى أحداث أخرى غير أحداث العنف والإرهاب.

ست سنوات مضت لم يكن فيها صوت أعلى من خطاب الكراهية الذي تبثه الأبواق المأجورة والأقلام المسمومة، ستة سنوات مضت كانت فيها صناعة الفرقة والتشرذم هي الصناعة الأكثر رواجًا في ظل توترات وموجات عنف شهدتها منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة.

ليس المجال هنا لسرد تاريخ الإرهاب الأسود في مواجهة الدولة بدءًا من بداية التسعينيات حتى الحوادث الأخيرة التي تستهدف جنودنا الأبرياء في شمال سيناء والواحات، دعنا نعترف أن الحل الأمني لا يستطيع أن يغرد منفردًا فلابد من تكاتف جميع أجهزة الدولة في مواجهة الجماعات الإرهابية بدءًا من تغيير لهجة الخطاب الديني، والخطاب الإعلامي والخطاب السياسي، وأن نهدم محاكم التفتيش التي دشناها واستخدمنا فيها ألفاظ الفرقة والتخوين ووصل الأمر لحد التكفير في ظل وسطية افتقدناها كثيرًا.

لن نحقق إصلاحًا دون أن نفعل عمل الأجهزة الرقابية للدولة وكشف الفاسدين وأن تكون هناك شفافية ومكاشفة في كل قضايا الفساد وإهدار المال العام، فإذا نجحنا في غلق صنابير الفساد فقد حققنا نجاحًا كبيرًا وقد لمسنا في ذلك الأمر تحركًا ملموسًا من خلال ما تقوم به الأجهزة الرقابية من مكاشفة لأعمالها.

وللإنصاف علينا أن نشير إلى نصف الكوب الممتلئ، فهناك مشروع قومي للإسكان وهو مشروع يشهد له الجميع بأنه ممتاز ويفي بمتطلبات مئات الآلاف من المواطنين، وهناك مشروعات الطرق والكباري ومشروعات التنمية الزراعية، ومشروع علاج فيروس سي، هناك اختفاء لطوابير الخبز والغاز.

كما أود الإشارة هنا إلى المشروع الضخم "العاصمة الإدارية الجديدة" ولتعظيم الاستفادة منه يجب حصر جميع الوزارات الحالية وبعد تجهيز المباني في العاصمة الإدارية يتم بيع جميع مباني الوزارات القديمة في مزاد علنى وأعتقد أن قيمة تلك الأصول بالمليارات التي يمكن ضخها في خزانة الدولة، فضلا عن بيع العقارات والأراضي المحيطة بالعاصمة الإدارية بأسعار مرتفعة تتناسب مع قيمة المكان بما يُشكل ضخًا جيدًا للسيولة في خزينة الدولة.
الجريدة الرسمية