رئيس التحرير
عصام كامل

الإرهاب.. العدو الخفي!


رغم أن مصر ذاقت مرارة الإرهاب منذ عقود، فإن إرهاب اليوم أشد شراسة وأكثر ارتباطًا بالخارج، إذ تجردت عناصره من مشاعر الوطنية والإنسانية، ومن ثم فلن تكون المعركة هذه المرة سهلة، فحرب الأفكار يطول مداها وتتعقد مسالكها، فالإرهاب فوق أنه عدو خفي لا تعرف متى ولا من أين سيخرج عليك.. ولا يمكن لأي دولة مهما تكن يقظة أجهزتها الأمنية وقوتها أن تتنبأ بهجماته.. فإنه يتستر بالأفكار المغلوطة المخادعة التي تدغدغ مشاعر الشباب المحبط فينجذب إليه انجذاب الفراشات إلى ضوء اللهب دون أن تدري أنها ستحترق بناره.. وإلا ما وجدنا شبابنا ينجرف إليه فيفجرون أنفسهم طمعًا في جنة وعدهم إياها شيوخ الفتنة والضلال.. ناهيك عما تغدقه عليهم دول العدوان والشر من أموال وعتاد ودعم لا محدود ومعلومات لتنفيذ مخطط قذر تعجز هي عن تنفيذه بصورة مباشرة.. فهل قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق جهاد يرضاه الله أو تقره شريعة الإسلام.. وهل إزهاق أرواح الأبرياء، تارة بالتفجير وأخرى بالرصاص، جهاد يرضاه الله.


ما ينبغي ألا نغفله أن حرب الإرهاب أساسها معركة مع الفكر، يلزمها الحجة والبرهان وتفنيد الأباطيل والاشتباك مع الفكر المتطرف ودحض أسانيده المتهافتة ببيان ناصع يغزو العقول ويهدي القلوب إلى الرشد والحق.. جنبًا إلى جنب المواجهة الأمنية الصلبة التي ينبغي أن تبقى يقظة طيلة الوقت وأن تحفز جاهزيتها باستمرار وتزيد قدرتها على الاستطلاع وجمع المعلومات وأخذ زمام المبادرة بما يجنبنا الوقوع في فخ المفاجأة أو خسارة مزيد من الضحايا.

المعركة مع الإرهاب لا يمكن التنبؤ بنهايتها، فالفكر المتطرف تجذر في بيئة لم تقاومه فكريًا بطريقة صحيحة على مدى عقود حتى استشرى بصورة تستلزم استحداث طرق علمية لاجتثاث جذوره، وابتكار إستراتيجية تتماشى مع سرعة انتشاره عالميًا عبر وسائل الميديا الحديثة وتقنياتها التي وفرت منصة سريعة للانطلاق، بعيدًا عن الرقابة الدقيقة والمتابعة المباشرة في ساحة الفضاء الإلكتروني الذي صار وسيلة لتجنيد الأتباع من مختلف الدول، لا فرق في ذلك بين دولة غنية وأخرى فقيرة، ولا دولة ديمقراطية وأخرى ضاربة في الاستبداد.
الجريدة الرسمية