رئيس التحرير
عصام كامل

نجيب محفوظ يحذر من التناقض بين الدين والمجتمع

فيتو

في مجلة "نصف الدنيا" وفور الاعتداء عليه عام 1997 كتب الأديب نجيب محفوظ يقول:


نحن نتصور أن نشوء الجماعات الدينية المتطرفة وأقول المنحرفة إنما يرجع في أساسه إلى سوء فهم للدين يتجلى المجتمع على ضوئه كافرا يستحق الهجرة والعقاب.. من أجل ذلك قامت الدعوة إلى التربية الدينية الصحيحة كعلاج حاسم لسوء فهم الدين ونشوء جماعات دينية منحرفة.

لكن هل التربية الدينية الصحيحة تمحو التناقض بين الدين والمجتمع؟ هل الناشئ الذي تلقى تربية إسلامية صحيحة لن يجد تناقضا بين ما لقيه من تعاليم وبين ما يجري في أسرته وشارعه ونظامه السياسي والاقتصادي وما يعانيه مجتمعه من شتى العلل؟. 

أعتقد أن هذا الناشئ سيلاحظ هذا التناقض، وستمزقه الحيرة بين ما تعلمه وبين ماجرى عليه نظام الحياة من مبادئ ومعاملات وتقاليد.. وستكون النتيجة المنطقية المتوقعة أنه إما أن يستهين بالدين باعتباره تعاليم جميلة لكنها غير صالحة للتطبيق، وإما أن يتمسك بالدين ويتهم المجتمع لكنه يعتمد في تغييره على الحكمة والموعظة الحسنة، غير أنه لن تخلو الأمة من جماعة قد تتعرض لدعوة متطرفة أو تستجيب لانفعالات حادة فتتمادى في موقفها حتى تكفر المجتمع من جديد وتعتنق العنف والجريمة.

إذن فما العلاج الحاسم حقا لأية نكسة محتملة؟ لن يتأتى ذلك في رأيي إلا بتطهير المجتمع وتغييره ومحو وجهه القبيح، ودفعه في طريق التقدم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي واحترام حقوق الإنسان كالعدالة والحرية وغيرها.

وفي كلمة أرى أنه لا علاج للانحراف إلا بالحضارات.. وعند ذاك سيختفي التناقض بين التربية الدينية الصحيحة وبين المجتمع.
الجريدة الرسمية