رئيس التحرير
عصام كامل

حادث قتل في مستشفى عام!


في صباح السبت الماضي، شعرت السيدة هدي أحمد عبد العزيز بصداع مفاجئ.. لم تجد معه أي مسكنات لإسكات ضرباته الموجعة في الرأس حتى زاد الأمر عن الحد المطلوب فصرخت واضطرت إلى الاستعانة بالجيران! لم يزل الخير موجودا عند المصريين.. فقد سارع الجيران فعلا إلى السيدة هدي التي كانت بمفردها بعد أن تزوجت ابنتها قبل أيام ولذلك أبلغوا شقيقها للحضور دون ابنتها واستعدوا جميعا للذهاب إلى المستشفي!


وصل الأخ بالفعل وانتقلوا بالسيارة إلى المستشفي الأقرب على أمل إيقاف كل هذا الوجع الذي يهاجم شقيقته.. كان المستشفي الأقرب هو مستشفى إمبابة العام وهناك اضطرت السيدة هدي أن تحتمل آلامها بغير رضي لحين نزول الطبيب المختص من الدور العلوي.. أبلغوهم أنه في العناية المركزة.. وبعد نصف ساعة أو يزيد أوصل حتى يبلغهم أنها تحتاج إلى الذهاب لمستشفي بها طبيب مخ وأعصاب!! أليس في مستشفى عام وكبير مثل "إمبابة" طبيب مخ وأعصاب؟ لا...لا يوجد!

أمسك شقيقها محمد عبد العزيز هاتفه واتصل بالإسعاف حيث لا توجد بالمستشفي سيارة لنقلها بعد تدهور حالتها إلى الاسوأ وبدأت في فقدان الوعي.. إلا أن الإسعاف طلبت تحديد المستشفي التي ستذهب اليه أولا قبل الحضور مع تحديد اسم الطبيب المعالج فيها!!! حاول الشقيق أن يشرح لهم خطورة الموضوع وأنه يستغيث بهم لإنقاذهم ومساعدته في البحث عن مستشفى.. إلا أنه فشل في اقناع مسئول الإسعاف بذلك.. هذه المحاولات استمرت من الواحدة والنصف ظهر السبت إلى الثالثة ومن الثالثة اقنعة البعض أن يتصل برقم 137 الخاص بطوارئ الوزارة إلا أن الطوارئ استهلكت الوقت من الثالثة حتى الثالثة والنصف لإقناع مسئولي مستشفى إمبابة بعلاجها ومسئوليها أقنعوهم بالعكس وأن العلاج ليس لديهم وأن هناك اشتباها بنزيف في المخ!

استقل الشقيق سيارته وبقي الجيران مع شقيقته وذهب إلى عدد من المستشيات المجاورة بمناطق إمبابة وشبرا وشبرا الخيمة والساحل في محاولة لإنقاذ شقيقته إلا أن كل المستشفيات كاملة العدد في العناية المركزة أو أن الطبيب المختص غير موجود.. فعاد ليطمئن على شقيقته فوجدها جثه وصعدت روحها إلى بارئها!

المأساة لا تحتاج إلى تعليق.. لكنها في ذاتها تكفي لمحاكمة العشرات بعد أن اثبتوا أن المصري يحتاج شهادة لإثبات آدميته ليلقي معاملة لائقة.. مجرد معاملة لائقة.. ولأن كل منا قد يتعرض أو أهله أو جيرانه للمأساة السابقة لذا نرفع الأمر للتحقيق الشامل.. ونعتقد أن كل مصري سيتضامن مع هذه الأسرة المكلومة حتى يعاقب المهمل.. أما من ذهبت فقد ذهبت إلى مكان خير من المكان لكن ستظل روحها تتوجع وتلعن الجميع أن ذهبت هدرا وبغير عقاب للمقصرين وما اكثرهم في منظومة فاشلة لا يتوقف وزير الصحة عن مدحها والإشادة بها!
الجريدة الرسمية