رئيس التحرير
عصام كامل

ما شكل الإعلام الذي تحتاج إليه مصر؟.. ملف خاص

فيتو

أعد الملف: أحمد فوزي سالم - منى عبيد - حمدي بكري - منيرة الجمل - سمر حسن - محمد عوض- محمد سمير- محمود قورة - محمد حامد


لم يكن رسوب الإعلام المصري مهنيًّا وأخلاقيًّا في تغطية حادث الواحات الذي استشهد فيها خيرة شباب الوطن، أمرًا غريبًا على كل ذي بصيرة، فالوسط الإعلامي والصحفي في مصر منذ سنوات تحوّل إلى ما يشبه الكوميديا السوداء، أو النوادر التي يصعب التصديق أنها تصدر عن منابر يفترض أنها مسئولة أخلاقيًّا ووطنيًّا أمام متابعيها وقبلهم أمام ضميرها المهني.

الإعلام أصبح محكومًا إلى حد الهوس والهذيان، بـ«الترافيك» وبكل ما تحمله الكلمة التي تشير في معناها إلى ترتيب المواقع ومن ثم الأحقية في تورتة الإعلانات، ولو باتباع أساليب متدنية، فاستباح الإعلام لنفسه في سبيل الصراع على المكاسب كل الوسائل، لتبقى الحالة الإعلامية أشبه بمهزلة، فيما ظل عدد محدود من وسائل الإعلام يخوض صراعا من أجل المبادئ.

«فيتو» سلطت الضوء على مظاهر الانفلات في الإعلام المصري من خلال نخبة من ربابنة سفينة الإعلام في مصر، والذين حملت ردودهم هجوما شرسا ونصائح بالجملة نوجزها في الملف التالي.

سيطرة العشوائية
يرى الإعلامي حمدي الكنيسي، نقيب الإعلاميين، إن الإعلام الذي تحتاجه مصر يتلخص في أن يكون إعلاما يحمل كافة المعايير المهنية، ووطني يعمل على حفظ أمن واستقرار الدولة وإحباط أي مخططات هدامة، وأن يكون أخلاقيا يسير على ميثاق الشرف الإعلامي الصادر عن النقابة.

ويضيف «الكنيسي»، أن مصر لا زالت تتعرض لمؤامرات ومخططات من أعدائها من الداخل والخارج، والإعلام لابد من أن يقوم بدور كشف تلك المخططات لأنه حاليًّا أقوى وسيلة في العالم.

استسلام للحالة
وعن المعوقات التي تعرقل المسيرة الإعلامية، أوضح نقيب الإعلاميين أن هناك الكثير من العاملين بالمهنة مستسلمين للحالة العشوائية والانفلات، وآخرين غير مؤهلين لممارسة الإعلام الحي، وبعضهم حقق نجومية بالفوضى والإثارة، موضحًا أنه سيتم إعادة التوازن للإعلام والقضاء على تلك الحالة عبر محركي المنظومة الإعلامية الكائنة حاليًّا، وفِي مقدمتها نقابة الإعلاميين؛ لأنها تعتبر رأس حربة في إعادة هذا التوازن مرة أخرى، حتى يكون مناسبًا لمصر.

مسئولية النقابة
وأشار «الكنيسي» إلى أن نقابة الإعلاميين هي الجهة المسئولة عن محاسبة المذيعين المتجاوزين، وبالتعاون مع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بقيادة مكرم محمد أحمد.

فيما قال عبد الله حسن، وكيل أول الهيئة الوطنية للصحافة، إن الإعلام النموذجي الذي تحتاجه مصر، هو الذي يلتزم بالمهنية والموضوعية والدقة بعيدا عن التجاوزات والفرقعة الإعلامية والفبركة الصحفية، فمصر بحاجة إلى صحفي وإعلامي واعٍ على قدر كبير من المسئولية فيما ينشره أو يعرضه.

قواعد السبق
وأشار وكيل الوطنية للصحافة، إلى ضرورة الرجوع إلى قواعد السبق في الأحداث الرئيسية والحساسة، ولا سيما أن قواعده تلاشت مع سرعة النشر وتجاهلت تمامًا القاعدة الرئيسية له وهي المصداقية والدقة في نقل السبق مضيفًا: «خبر صحيح تأخر قليلا أفضل من خبر سريع نشر وأثار بلبلة واستياء الرأي العام».

ويؤكد «عبدالله» أن تأخر المعلومات من الجهات الرسمية وتغول مواقع التواصل الاجتماعي، وتحول الإعلامي والصحفي من مصدر للمعلومة الصحيحة الدقيقة إلى ناقل عن هذه المواقع، أحد أهم عوامل تراجع النمط النموذجي للإعلام المهني الذي تحتاجه الدولة المصرية.

المصدر المجهول
الدكتور محمد المرسي أستاذ بقسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة، يؤكد أن المهنية وأخلاقيات الإعلام تستلزم أن ياتي الإعلامي بالمعلومات من مصادرها الموثوقة، وعدم استخدام مصادر مجهلة، وخاصة في القضايا الحساسة، مضيفا: "مينفعشي آخد أي تسجيل يؤثر على الروح المعنوية المصرية وأنشره".

القضايا الحساسة
ويضيف المرسي، أن استخدام المصادر المجهولة في قضايا الحساسة خروج عن أبسط قواعد المهنية المنظمة للإعلام، فبعض الصحف سلكت نهجا خطيرا في الاستعانة بمصادر مجهلة، وهو ما أثار سخط رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى أن الخروج عن الأخلاقيات المهنية منتشر في الفضائيات الخاصة، في الوقت الذي لايزال ماسبيرو يلتزم إلى حد ما بالأخلاقيات رغم انخفاض نسب المشاهدة.

مصلحة الوطن
ويوضح أن الإعلام الذي تحتاجه مصر في هذه الفترة، هو إعلام يراعي مصلحة الوطن ويضعها في المقدمة، ويلتزم بالأخلاقيات المهنية، وضمير الإعلام ويعي خطورة الرسالة الإعلامية التي يقدمها، مردفا: المشهد الإعلامي الحالي يسوده الفوضى وبعض العاملين بالمجال غير مؤهلين ولا يدركون رسالتهم أو الجوانب المهنية و"كل واحد بيطلع في التليفزيون يقول اللي هو عايزه من غير حساب".

ويؤكد المرسي، أن قانون تنظيم الإعلام أقر ثلاث هيئات مسئولة عن الإعلام وهي نقابة الإعلاميين، والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، وأحد أسباب الفوضى الإعلامية عدم إقرار قانون تنظيم الإعلام الذي ينتظر موافقة مجلس النواب.

تخبط المسئولين
ويضيف أن هناك تخبطا بين الجهات الثلاث في ظل عدم وجود قانون موحد، فأدوارها متداخلة ومتصارعة، ولا يوجد توزيع واضح للأدوار أو صلاحيات دقيقة، بالإضافة إلى عدم وجود ميثاق شرف إعلامي في مصر.

كشف جذور الأخطاء المهنية
يقول أيمن عبد المجيد، عضو مجلس نقابة الصحفيين، رئيس تحرير بوابة روز اليوسف، إن الإعلام في مصر والعالم، أخطر أداة للتأثير على رأي العام، سلبا أو إيجابا، لاسيما وأنه يستخدم على نطاق واسع في الحروب النفسية، بإطلاق شائعات تحركها أجهزة المخابرات، وتغذيها السوشيال ميديا، مؤكدا أن ما نشاهده من أخطاء إعلامية فادحة، عرض لمرض لا يمكن علاجه بالمسكنات تتمثل في بيانات شجب أو إيقاف المخالفين.

ويشدد رئيس تحرير بوابة روز اليوسف على ضرورة البحث عن الجذور والمسببات عن الأخطاء المهنية الفادحة، والتي من أهمها أن مهنة الإعلامي أصبحت مهنة من لا مهنة له، ولا يوجد تحديد لمصطلح الإعلامي، فأصبح الرياضي المتقاعد أو المعتزل يخرج على الفضائيات، وكذلك الممثلة التي تبلغ من الكبر عتيا ولم تجد فرصتها على خشبة المسرح أو على الشاشة السينما، وكذلك مقدمي البرامج من غير الأكاديميين.

أوضاع الصحافة
ويضيف «عبد المجيد» أن الصحافة ليس الوضع فيها أفضل حالا من الإعلام، بعد أن أصبح التخصص آخر ما يلتفت إليه، ولا سيما أن نقابة الصحفيين لا تمتلك من الضوابط والمعايير ما تضمن به أن يقيد في جداولها كفاءات، مؤكدا أن أولى خطوات تحسين حالة الإعلام والصحافة، هي تحديد من هو صحفي ومن هو إعلامي، وأن يمنع كل من هو غير مقيد في نقابة الإعلاميين من اعتلاء المنابر الإعلامية، مشيرا إلى ضرورة وضع نقابة الصحفيين ضوابط حاكمة للقيد بحيث تشترط لمن يقيد الحصول على دورات مكثفة ودورات مقيدة تصل لعامين فيما يتعلق بالأمن القومي وخطورة المصطلح وآليات تدقيق المعلومة وحتى يخرج صحفي لا يبيع الضمير المهني من أجل مشاهدات.

منع الصامت الإعلامي
ويتابع: لابد أن تعمل النقابتين «الإعلاميين والصحفيين» أيضا، على تطوير قدرات أعضائها، عبر برامج للأعضاء الجدد وإعادة تأهيل الأعضاء القدامى، وإعلاء مبدأ المحاسبة لمن يرتكب أخطاء مهنية، وهنا يتطلب ضرورة إقرار قانون حرية تداول المعلومات، مطالبا الحكومة بإنشاء لجان إدارة الأزمات داخل كل وزارة، تكون أحد مهامها الرئيسية إتاحة المعلومات للصحفيين والإعلاميين والقضاء على «الصامت الإعلامي» الذي يسمى زورا وبهتانا المتحدث الإعلامي ولا يدلي بأي معلومات حتى لا تصبح الساحة خالية للشائعات.

كارثية إعلام الصوت الواحد
يرى سيد الطوخي، رئيس تحرير جريدة الكرامة الحزبية، إن الإعلام في مصر يحتاج حرية تداول معلومات ومصداقية وتوسيع حرية الرأي والتعبير وتنوع المصادر دون الاعتماد على مصدر واحد في ظل ثورة المعلومات، موضحا أن الإعلام المصري يستطيع أن يكون رائدًا ونموذجيًا كما كان سابقا، مؤكدا أن مصر مع طول تاريخها الصحفي والإعلامي كانت تمتلك إعلام منفتح على قوى الحية والوطنية المعارضة والموالاة، الذي تراجع في السنوات الأخيرة ووجب استعادته.

ويشدد رئيس تحرير جريدة الكرامة على ضرورة أن تعود مصر لريادتها الإعلامية، والخروج من سياسة الصوت الواحد والتلقين التي تؤدي بطبيعة الحال إلى كوارث مهنية ومجتمعية، ما أدى إلى تراجع شراء الصحف، مشيرا أن هذه الرؤية تساهم في انتشار الأفكار المتطرفة في ظل أحادية الرأي.

حلم الإعلام النموذجي
ويشير الطوخي إلى أن الإعلام سيصبح نموذجيا إذا كان متنوعا يتطرق لمختلف الآراء، فالمواطن يحتاج مادة إعلامية مختلفة تتناول كل ما يهمه من أكبر المشكلات إلى الوسائل الترفيهية، فضلا عن يطرح حلول للمشكلات وليس الاكتفاء بعرضها، قائلا: "لم يعد إعلام مصر الذي يبهر العالم العربي، فالقائمون عليه لا يدركون أن العالم أصبح منفتح والمعلومات متاحة ولابد أن نلحق بهذا الركب حتى يعود الإعلامي المصري لمكانته وريادته".

مطلب الرسالة المتزنة
الكاتب الصحفي محمد على إبراهيم، رئيس تحرير جريدة الجمهورية الأسبق، يقول إن العالم كله لا يعرف الإعلام النموذجي حتى في الديمقراطيات الكبرى، فالإعلام أما أن يحركه المال أو الانتماءات الحزبية، لافتا إلى أن هناك نوعين من الإعلام، «الوطني والمحايد»، موضحا ضرورة أن يكون الإعلام معبرا عن قضايا الوطن بشفافية وموضوعية دون تهييج أو تهريج، ولابد في هذه الحالة أن يمتلك الإعلام الوطني قدر كبير من المعلومات، مؤكدا أن عدم توافر المعلومات يفتح الباب أمام الاجتهادات التي تجعل الثقة بين الصحفيين والجماهير منعدمة.

القانون هو الحل
ويشير «إبراهيم» إلى ضرورة أن ينتبه كل من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، لضرورة إصدار قانون لحرية تداول المعلومات من شأنه ضبط الأداء الإعلامي، مؤكدا أن هناك الآن اختراق بسبب جهل لوسائل الإعلام الوطنية، من خلال تسريبات وتسجيلات مفبركة، مما أدى إلى غياب المصداقية، ولجوء البعض إلى القنوات المغرضة، للبحث عن رأي ربما يكون فيه جزءًا من الحقيقة، التي تغلفها وسائل الإعلام الوطنية وتخفي الجزء السلبي منها.

وعن الإعلام المحايد قال رئيس تحرير الجمهورية الأسبق:" لسنا مؤهلين له، ولاسيما أنه يتطلب رأي الدولة والرأي المعارض له، وهذا يزيد من حجم الشك، خصوصا وأننا لسنا بمجتمعات تمتلك نسب عاليه من الوعي السياسي والثقافي والإدراك، ولا نستطيع التمييز ما بين هو حقيقي وما هو غير حقيقي".

ويؤكد إبراهيم أن الإعلام قاطرة التنمية، وإذا كان مهنيا وموضوعيا تحسنت صورة مصر، وانتعشت السياحة والثقافة والتنمية الصناعية الاستثمار، قائلا: "الإعلام المصري ما هو إلا انعكاس لمؤسسات متكاسلة لا تمتلك جرأة الفعل، بلا حراك تنتظر فقط الضوء الأخضر أو التعليمات، ولهذا لن ينصلح حال الإعلام إلا بالحرية وتداول المعلومات".

السلاح الناعم
لا تقتصر مهمة وسائل الإعلام على ترفيه الشعوب وإخطارها بآخر المستجدات على الساحة المحلية، والإقليمية، والدولية، ولكنها تلعب أيضًا دورًا ليس بالهين في تعزيز استقرار وأمن بعض المجتمعات حول العالم، وبمتابعة وسائل الإعلام الغربية بمختلف أشكالها سواء تلك المكتوبة، أو المسموعة، أو المرئية، نجد أن مقولة "الإعلام سلاح ناعم للدول" لم تأت من فراغ.

في أمريكا يتجسد ذلك النموذج بقوة ويعد الإعلام هناك ضمن أركان الدولة العميقة، ويقود هجمات خارجية تستهدف خلخلة الخصوم مثل إيران والصين، وينتفض داخليًا للدفاع عن الأمن القومي للولايات المتحدة ضد أي تهديدات خارجية.

رأس الدولة
نموذج الموضوعات التي تصاغ بوسائل إعلام واشنطن، ضد إيران وكوريا الشمالية يظهر مدى هجمة الخطوط المنظمة التي تبدأ من رأس الدولة "البيت الأبيض" وتسير على نهجه باقي المؤسسات بما فيها الإعلام على الرغم من عودة مليكته إلى القطاع الخاص –رجال الأعمال-.

من أبرز جهود الإعلام الأمريكي للحفاظ على هوية، وأمن، وصورة الولايات المتحدة هي دعمه وبشدة المرشحة السابقة للانتخابات الرئاسية هيلاري كلينتون وهجومه الفج على ترامب نظرًا لعدم خبرته السياسية، والدبلوماسية، وغياب رؤيته لمستقبل أفضل قائم على الديمقراطية.

النموذج الأمريكي
وبعد خيبة أمل الإعلام الأمريكي بفوز رجل الأعمال ترامب، لم يقف مكتوف الأيدي ومكبل الأقدام ولكنه أخذ ينتقد سياسة الرئيس من السياسات المتهورة التي يميل إليها وتؤثر على الأمن القومي مثل الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، وإثارة جنون بيونج يانج بحرب كلامية.

أما بريطانيا، فلا تبالي وسائل إعلامها سوى بالأمن، والاستقرار، والمضي قدمًا في تحقيق التقدم والرخاء، وعلى سبيل المثال أستغلت الصحف والقنوات الجرائم والحوادث التي يرتكبها المهاجرين خاصةً الأتراك والألبان والرومانيين والبولنديين فضلا عن ضغطهم على البنية التحتية بالمملكة في تأييد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست".

الوعي بالمصالح العليا
وخلصت دراسة إلى أن "التقارير شديدة السلبية" سيطرت على التغطية الإعلامية التي سبقت استفتاء "بريكست" حول مغادرة المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي في 2016، إذ حرصت الصحف المحلية المؤيدة لـ "بريكست" على شيطنة المهاجرين، وركزت تغطيتها الإعلامية على تناول قضية الهجرة في البلاد.

وألمانيا التي شهدت انتعاشًا على المستوى الاقتصادي بجانب الفوز بريادة أوروبا والتأثير في أهم القضايا العالمية بفضل حنكة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إلا أن وسائل إعلامها عندما شعرت بخطورة الإرهاب على الأمن القومي بسبب اللاجئين، هاجمت ميركل لفتحها الباب أمامهم واتهمتها باحتضان الإرهاب لتسلل إرهابيي تنظيم داعش بين طالبي اللجوء.

مرآة لواقع سيئ
المثقفون بدورهم كان لهم رأي في أوضاع الإعلام فيقول الفنان التشكيلي محمد عبلة، أن الإعلام في شكله الصحيح التي تحتاجه مصر، هو إخبار المواطنين بالحقيقة التي تحترم عقولهم، وأن يكون موضوع النقاش واضحا، بالإضافة إلى وضع القوانين التي تحكم العملية الإعلامية والتي تحاسب الإعلامي الكاذب المخادع، موضحا أن هناك نوعا من الالتزام من جانب الإعلاميين، وعلى الدولة وضع خطة على أن تكون الثقافة جزء منها، وتشمل التنمية التي تحتاج الدولة إلى تطبيقها لتحقيق عدد من الأهداف.

فيما يشير القاص سعيد الكفراوي، أن الإعلام الحالي هو نموذج يعبر عن الحالة السياسية المصرية وشكل الواقع السياسي المصري، لايعرف المصارحة ولايعرف الصدق، ويمارس عمله من خلال القوانين والإرشادات التي تضعها له مؤسسة الحكم، وبالتالي فقد المصداقية وغير مؤثر في أحوال الدولة وتختلط إختياراته مثلما حدث في الحادث الإرهابي الأخير بالواحات.

مصالحة مع الذات
ويضيف الكفراوي، أن الواقع الذي يتسم بالمصارحة والتي تحكمه قيم ديموقراطية وليبرالية يقوم على حرية الرآي وحرية الثقافة، وإعطاء دور للنخبة والاهتمام بالكتاب والمثقفين لخلق إعلام صريح وواضح وجاد، وقادر على تقديم مادة محترمة للمواطنين، وبالتالي لا يشارك في تغييب الوعي والإنتهازية والقضايا الغير مجدية.

ويتابع: أن الشعب يفتقد إلى صيغة إعلامية تعبر عن الأحزاب الجادة والرؤى المحترمة، وعدم الإشادة بما هو تافه، حيث إن الإعلام هو الآن أكثر الوسائط فعالية وتأثيرا وقدرة على تغيير الواقع.

فيما قال الشاعر والناقد أحمد عبد المعطي حجازي، أن مصر تحتاج إلى إعلام حر، والحرية هي الطريق إلى الاستقامة وإلى الموضوعية، فعندما يكون الإعلام حرا سيتمكن كل صاحب رأي من التعبير عن رأية ومناقشة الآراء الأخرى وتصحيح الأخطاء سواء كانت الأخطاء التي تقع عفوا أو بصورة متعمدة.

يقلل من الولاء للوطن
يقول الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، أن الفوضى التي توجد في الإعلام تأثر سلبيًا على المواطنين، فالإعلام يعاني من مرحلة اضطراب منذ ثورة 25 يناير، مشيرا إلى أن هناك بعض الإعلاميين ليس لديهم حكمة أو فكر للقيادة، مؤكدا أنه طالب عده مرات من المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام بأن يكون هناك خطة إستراتيجية لتغير ثقافة المواطن.

ويضيف فرويز، أن الإعلام الذي نشاهده الآن على الشاشات ليس لديه رسالة واضحة وهذا يقلل الولاء والحب عند المواطنين في البلد، مقارنه بإعلام «زمان» الذي كان بنًاء ولديه أهداف ورسائل واضحة، بالإضافة إلى أن هناك إنحلال أخلاقي يسطرعلي بعض الشاشات ما يجعل من انخفاض الروح المعنويه لدى المواطنين.

الشاشة في ميزان الشارع
«فيتو» رصدت أيضا آراء المواطنين وتقييمهم للإعلام فقال "عبد الله": "لا أصدق ما تقدمه البرامج التليفزيونية حاليا، وبالنسبة للبرامج اللي بنتفرج عليها حاليا لو جابلي فيديو قدامي كدة عمري ما أصدقه لأنه إعلام كله كاذب"، متمنيا أن يصدق الإعلاميين في ما يقدمونه، والتأكد من صحة الأخبار ومصداقيتها.

وأضاف "عبد الرحمن"، أن الإعلام المصري لا يعجبه بسبب عدم تقديم ما يحتاجه، قائلا: "مش عاجبنى الصراحة عشان مش بيقدملي اللي أنا عاوزة"، مؤكدا ضرورة تغطية وسائل الإعلام كافة أخبار وأحداث البلاد البلاد بصورة أفضل.

وأشار "عمرو" إلى ضرورة تطرق الإعلام المصري للمشكلات الداخلية، وإيصالها للمسئولين والنظر لحال البلاد، مضيفا أن سمعة مصر خارجيا جيدة، وكل ما تحتاجه مراعاة أمور المواطنين.
الجريدة الرسمية