رئيس التحرير
عصام كامل

معركة قارة جهنم.. كيف تعامل المصريون مع كارثة حادث الواحات «ملف خاص»

فيتو

أعد الملف: محمود عثمان ــ منيرة الجمل- إسلام معوض- أية عودة - سارة وحيد


الإرهاب أشد فتكا من أي تدابير.. لا يمكن الحديث عن مواجهات الواحات والخوض في تفاصيل الاشتباكات التي وقعت بين قوات الشرطة البواسل وعناصر إرهابية لا تزال دائرة حتى الآن، التي أسفرت عن استشهاد عدد كبير من أبناء مصر دون أن نرسي هذه القاعدة؛ فالإرهاب الذي ضرب بلدان أكثر تحصينًا واستعدادًا من مصر، ومن جماعات ضالة صبغت الإرهاب والتطرف بالإسلام وهو منهم براء، كانت حكايته واضحة معنا لا لبس فيها من بداية الطريق نحو استرداد مصر؛ إما أن نحكمكم وإلا فالضياع للجميع.

قالها محمد البلتاجي، القيادي في جماعة الإخوان الإرهابية، واعترف ضمنيًا بعد ضياع الحكم من أيديهم بمسئولية جماعته عن أحداث العنف التي تجري في شبه جزيرة سيناء، وقال نصا: «إن ما يحدث في سيناء سيتوقف في اللحظة التي سيعود فيها مرسي إلى كرسيه».


تصريحات البلتاجي عن سيناء

الأيام التي أعقبت عزل مرسي لم تخلُ من سلسلة هجمات استهدفت مقرات أمنية وكمائن للشرطة، في مدينة العريش والشيخ زويد؛ وهكذا استمرت 4 سنوات من المواجهات المباشرة مع الإرهاب، لم تتوقف ولو للحظة واضحة، كان ذلك أيضا نتيجة واضحة ومباشرة لتضامن دواعش الإسلاميين مع الإخوان، الذين نفذوا تهديدهم بنشر الترويع والتفجير في جميع ربوع مصر، وتدميرها.


إحنا هنولع فيكوا

استعرض أشاوس الإخوان كل ما لديهم من حقد وضغينة، ورسائل جوفاء عن المواطنة ونظرتهم لمصر التي لا تعدو في نظرهم أكثر من مجرد هدف للوثب على السلطة، ودونها الرقاب، ولا عهد ولا أمان لأحد إذا تخطى الخطوط الحمراء وتجاوز الإسلاميين، ولم تكن تفجيرات الكنائس وحرقها والتعريض بها إلا إشارة حصلت عليها القوى المتطرفة المتحالفة من الإخوان، التي لمحت طرف الخيط من القيادي المتطرف صفوت حجازي الذي وجه إنذارًا واضحًا للأقباط، بسبب تضامنهم مع الدولة في حربها على الإرهاب، إما عودة مرسي أو أنهار من الدماء.


هذه المقدمة كانت واجبة للإشارة دون لبس عن المتسبب في إراقة دماء المصريين، رغم الأنباء التي تواترت حول تعرض قوات الأمن التي شاركت في التعامل مع الخلية الإرهابية بمنطقة الواحات بالأمس للخداع، بعد تواصل فردين من الخلية الإرهابية مع قوات الأمن على أنهما انقلبا على العناصر الأخرى في الخلية وأرادا تسليمهم للشرطة.

وحسب الأنباء المتواردة عن الحادث، أنه كان فخًا وقعت فيه قوات الأمن بعد وصولها موقع الحادث وخرجت عناصر الخلية محملة بأقوى الأسلحة وانهالوا على القوة المشاركة، ما أدى إلى استشهاد 14 فضلا عن إصابة ما يزيد على 30 آخرين، وهي رواية لا تنفصل كثيرًا عما ذكره النائب مصطفى بكري، على حسابه الخاص بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أن معسكر الإرهابيين كان به ما لا يقل عن ١٠٠ شخص يتولى قيادتهم ضابط الصاعقة الإرهابي هشام عيسوي، الذي كون المجموعة من عناصر داعشية قام بالتواصل معها في ليبيا، موضحا أنه يعرف ملفات الصحراء جيدا، مشيرا إلى النجاح في التوصل لعنصرين من الخلية الإرهابية والقبض عليهما واعترفا أنه ضمن المجموعة 4 ضباط سابقين تم فصلهم من جهاز الشرطة أيضا.

وعلى ما يبدو، هناك تماس واضح مع العائدين من داعش ولمسة ظاهرة لهم في الحادث الإرهابي، خاصة أنهم تفرقت بهم السبل بعد هزيمتهم من القوات السورية والعراقية، الأمر الذي يستدعي تنظيم عملياتهم الدنيئة في البلدان المجاورة، وذلك بحسب الدكتور عبد الغفار عفيفي الدويك، الذي أكد لـ«فيتو» أن الفرار الجماعي غير المنظم للإرهابيين إلى بلادهم يجعلهم ينقلون عملهم إلى مسرح آخر.

ظواهر سيئة في يوم حزين لمصر

الظواهر السيئة التي تضمنها هذا اليوم العصيب في تاريخ مصر، رصدت «فيتو» تداعياته التي ربما تحتاج إلى تفسيرات واضحة وتحليل وبحث، بداية من التجاهل الاجتماعي غير المسبوق وانشغال قطاعات كبيرة من المواطنين بأمور أخرى أقل سطيحة وجدة من خطورة الحادث وبشاعته، بما يؤكد إصابة قطاع كبير من المصريين باللامبالاة، وهو ما رصدته أرقام وإحصائيات الاهتمامات على شبكة الإنترنت طوال أمس.

فلم يتصدر اهتمامات بحث المصريين على جوجل رغم الحادث الشنيع إلا زواج الفنان أحمد سعد وسمية الخشاب، بينما حل البحث عن حادث الواحات الإرهابي المرتبة الرابعة، وهو ما أكدته منشوراتهم أيضا على السوشيال ميديا.

"ماهر الضبع" أستاذ علم النفس بالجامعة الأمريكية، أرجع تلك الروح لعدة أسباب، أبرزها طريقة عرض وسائل الإعلام للأخبار، وتناولها للحدث ببرود تام، وإغفالها لبعض التفاصيل، ورسوبها في عرض الصورة الحقيقية للحدث التي تظهر مدى بشاعة وخطورته، مشيرا إلى أن الإعلام يعمل بأجندة معينة في طريقة عرض الخبر، والرغبة في تفادي إصابة المشاهدين بالصدمة.

أما السبب الثاني، من وجهة نظر "الضبع" اعتياد المواطنين على مثل هذه الأحداث، فالاعتياد على شيء يجعل رد الفعل بسيطًا وغير متوقع، بينما يكمن السبب الثالث في غياب التفاعل المجتمعي تجاه القرارات الحكومية، مما جعل المواطنين يشعرون أنهم ليسوا جزءًا من القرارات الحكومية، بما دفعهم لفصل أنفسهم عن الدولة، واعتبار تلك الحوادث تخص المعنيين بها ولا تخصهم، خاصة بعد عزل المجتمع عن السياسة نتيجة غياب المشاركة الاجتماعية.

ماذا يحدث في الغرب حال التعرض لعمليات إرهابية؟

فور وقوع الهجمات الإرهابية يتصدر هاشتاج الكارثة مواقع التواصل إما للتعبير عن الدعم أو لتقديم المساعدة، ومن أشهر هاشتاجات الهجمات الإرهابية #RoomForManchester، الذي دشنه سكان مانشستر المحليون لعرض غرف وأماكن إقامة مجانية لأي شخص عالق في المدينة، بسبب الانفجار الذي وقع في مايو الماضي.

وفي يونيو عام 2016، دشن مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاجا للتضامن مع ضحايا هجوم أورلاندو الذي استهدف ملهى ليلي للمثليين في ولاية فلوريدا وأدى إلى سقوط 50 قتيلا فضلا عن إصابة 52 آخرين.

وكتب أحد مستخدمي تويتر على حسابه الرسمي وهو مثلي الجنس: "أنا هنا ولن أذهب لأي مكان آخر، ولا يهمني ما يعتقده الآخرون"، بينما نشر مستخدمون آخرون علم قوس قزح التي اتخذته الحركات المجتمعية المنادية بحقوق المثليين.

كيف نعيد الثقة في الأجهزة الأمنية؟

يقول الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، إن الشعب عليه بث روح إيجابية في الأجهزة الأمنية، فالحوادث الإرهابية الهدف الأساسي منها هو جعل الشعب يفقد الثقة في الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية، وبالتالي الشعب عليه الوقوف بجانبهم في تلك المحنة.

وأضاف أن السوشيال الميديا أكثر تفاعلا في تلك الحالات، لهذا عليهم تقديم التعازي في شهدائنا وفهم المرحلة الخطيرة التي نمر بها، ومساعدة الشرطة في البحث عن الجناة وإدراك أننا في حالة حداد.

اقرأ: «عشماوي» العقل المدبر لهجمات الصحراء


ومن ناحية أخرى أوضحت الدكتورة هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع، أن الشعب المصري عليه إدراك أن مصر في حالة حرب ليس ضد الجهات الأمنية، إنما كل فرد مستهدف فيها وبالتالي عليه التعاون مع الأجهزة من خلال الإدلاء بمعلومات عن الجناة، وفهم طبيعة المرحلة.

تابع: تفاصيل حادث الواحات


كما أشارت إلى أن وسائل الإعلام في هذه المرحلة عليها العامل الأكبر في توعية الشعب المصري حول التفاعل بإيجابية مع الحادث، والتركيز على الضحايا كي يشعر الشعب بخطورة الوضع، والاستجابة لوسائل الأمن التي ستفرضها الدولة للرد على ذلك الحادث.

فيما أكد مكرم محمد أحمد، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام نقيب الصحفيين الأسبق، أن تناول الإعلام لحادث الواحات الإرهابى كان تناولا من منظور وطني بالدرجة الأولى فالجميع يحارب الإرهاب، خاصة أن المعركة التي تخوضها مصر بكل طوائفها ضد الإرهاب الأقباط قبل المسلمين.

وأكد في تصريح لـ«فيتو» نحن نطالب بملاحظات وسرعة استجابة وتوفير المعلومات نعم لكن لا نرضى بالإرهاب والدولة تحقق نجاحات في مواجهته بل إن العالم كله يتكاتف مع مصر في حربها ضد الإرهاب باستثناء بعض مجموعات النفاق التي تساند قطر والإرهاب على طريقة أبو وشين وهذا موجود في كل دول العالم وهذا وضح جاليًا في توحد الإعلام حول الموقف الوطني.

بالفيديو.. ماذا قال الشارع عن الحادث؟

وجه المصريون كلمة لشهداء الشرطة في حادث الواحات، وقال محمد: رحم الله شهداء الواحات وخالص عزائي لأسر الشهداء وربنا يصبر أهليهم ويجعل مثواهم الجنة.

وأضاف محمود: رحم الله شهداء الوطن الأبرار من رجال الشرطة البواسل، وقال أحمد: ربنا يرحمهم وإحنا كلنا شهداء الوطن والواجب الوطني، وتابع حسن كل الشعب المصري تأثر بالحادث الإرهابي وسنظل دائما إيد واحد ضدهم.
الجريدة الرسمية