خيري شلبي في صحبة يوسف وهبي
في كتابه "صحبة العشاق" كتب الأديب خيري شلبي فصلا عن عملاق المسرح يوسف وهبي "رحل عام 1982" يقول فيه:
"من تحت جبهة عريضة كأنها واجهة بيت كقصر الشوق مثلا أو قصر بشتاك، جسد عملاق يمتلئ برغبة فتية في الحياة، وجه ضخم كوجه تمثال شيخ البلد الفرعوني بارز الملامح.. على الحدود الفاصلة بين راسبوتين والقديس تقف وراء هذه الملامح قدرة فنان هائل ذي إمكانية فاجرة لا حدود لها".
وتابع: "للنجومية على وجهه وهيكله تاريخ عريق واصيل كأنه ولد نجما.. أذكر أنى رأيت صورته أول مرة في بيت ناظر الزراعة الخاصة بالضيعة المجاورة لقريتنا، فلما سألت عنه قالوا إنه يوسف وهبي وظننته أحد القادة السياسيين لكني عرفت أنه إحدى الشخصيات البارزة في المجتمع وأنه لا يقل أهمية عن الشخصيات التي يدرسونها لنا في المدارس".
وأضاف: "من يومها بقي يوسف وهبي في نظري أكبر من مجرد ممثل يلعب الأدوار في الأفلام والمسرحيات.. ظل في نظري صرحا كبيرا هائلا لعل التمثيل أحد أبنيته".
وواصل "شلبي" في مقاله: "عرفه التاريخ الحديث ممثلا فنانا، وكتبت عنه الأجيال المتلاحقة واستمتعت به كما استمتعت بعبد الوهاب وأم كلثوم وأحمد رامي وطه حسين والسنباطي، عرفوه كممثل عملاق وعرفته كأحد الظرفاء الذين عرفهم عصرنا، أنه أظرف بكثير جدا ممن يحترفون الظرف ويتاجرون به في حفل الكوميديا".
وقال: "المؤكد أن يوسف وهبي شخصية قامت بتأليف نفسها وفق ما تهوى والرأي عندي أن يوسف لم يكتشف المسرح دفعة واحدة.. بل أقول بضمير مستريح أنه حين كشف المسرح كفن جديد وليد في بلادنا ومبهر له.. يكتشفه من الزاوية المحضة.. ويحب أن يراه فيها المجتمع.. المسرح هو المجال الحقيقي الوحيد الذي اكتشف يوسف وهبي أنه يتيح له فرصة أن يصنع من نفسه نجما كبيرا في المجتمع العربي، وأن ينفس في رواياته عن الطاقة الفنية المختزنة في أعماقه أن يعيش أحداثا وشخصيات طالما طافت بخياله ومواقف طالما تقمصها وجدانه.. ليس من قبيل المعننة الفنية ـــ أن صح التعبيرـــ بل من قبيل ممارسة العديد من الشخصيات التي يهواها.
أن يصبح ذلك الأب المكلوم في أولاده، ذلك الزوج المطعون في شرفه، ذلك الرجل الأبهة من رجال الأعمال اللاهين عن غفلة، ذلك المحامي الكبير، البروفيسور العالمي.. وهكذا قرر يوسف وهبي أن يكون رجل مسرح وليس مجرد فنان مسرح.