أهل محبة الله وولايته
أهل ولاية الله هم أهل محبته وطاعته وتقواه، عز وجل وهم الذين أقامهم الله في نعمة الأمن والأمان والذي خصهم سبحانه بالبشرى والبشارة في قرآنه العظيم حيث قال عز وجل: "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم"، وأهل ولاية الله هم أهل الاستقامة وأهل ذكر الله وهم رحمات الله لعباده وخلقه، يقول سبحانه وتعالى في وحيه لنبيه سيدنا داوود عليه السلام وصفًا لهم:
"ياداوود إن أهل محبتي يتعجلون لقائي شوقا إلى وإني لا أحب أن أتعجل لقاءهم فإنهم موضع نظري من بين خلقي فبهم يرفع غضبي وبهم تتنزل رحماتي وبهم تمطر سمائي وتنبت أرضي، ياداوود أولئك الذين إذا ما نظرت إليهم لهان على أن أغفر لجميع المذنبين من خلقي إكراما لهم، ياداوود إني خلقت طينة أهل محبتي من طينة إبراهيم خليلي وموسى كليمي وعيسى كلمتي وروحي ومحمدا صفيي ونجيي وخلقت قلوب المشتاقين إلي من نوري ونعمتها بجمالي وجلالي، ياداوود أول ما أعطيهم أعطيهم ثلاثا، أقذف من نوري في قلوبهم فيخبرون عني كما أخبر عنهم والثانية، لو أن السموات السبع بما فيهن والأراضين السبع بما فيهن في كفة أحدهم حسنات لاستقللت له ذلك، والثالثة، أرفع الحجاب بيني وبينهم فيروني كما أراهم ثم أقبل عليهم بوجهي الكريم أو يدري أحد من خلقي إذا ما أقبلت على عبدي بوجهي الكريم ماذا أريد أن أعطيه".
هذا وتأتي الولاية على أثر الاجتهاد في أعمال الطاعة والإكثار من النوافل والاجتهاد في أعمال البر والمعروف والإحسان والمداومة على ذكر الله والتسليم لله عز وجل في القضاء والصبر على الابتلاء والرضا بقدره سبحانه والشكر على نعمه عز وجل وهذا ما يسمى بالعطاء الكسبي، يقول تعالى: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا"، وهناك عطاء وهبي وهو عبارة عن منحة إلهية يمنحها الله تعالى ويخص بها من يشاء من عباده يقول سبحانه: "وربك يخلق ما يشاء ويختار"، ويقول أيضًا في هذا المعنى: "وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم".
هذا وفي الحديث القدسي الذي رواه الإمام البخاري بيان عن السبيل إلى الوصول إلى ولاية الله والوصول إلى حضرة قربه والتمتع بأنسه سبحانه وتعالى وبيان كيف يدلل العبد على صدقه في محبته لله وأحب الأعمال إليه سبحانه وبما يرتقي العبد من مرتبة المحب إلى مرتبة المحبوب ومن مرتبة الطالب إلى مرتبة المطلوب ومن مرتبة المريد إلى مرتبة المراد وإلى أن يكون عبدا ربانيا، الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رب العزة تبارك وتعالى، قال: "من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلى مما افترضته عليه، ولا يزال يتقرب إلى عبدي بالنوافل حتى أحبه فإن أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها وقدمه التي يمشي عليها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذ بي لأعيذنه".
هذا ومعلوم أن أهل الاصطفاء والاجتباء الإلهي هم الذين اختارهم الله بعلمه تعالى وهم الذين نظر إليهم عز وجل بعين العناية الإلهية، حيث كانوا في مكنون علم غيبه من قبل أن يخلقهم ويظهرهم وحين أذن لهم بالظهور في عالم الدنيا رزقهم أنوار الهداية يقول تعالى: "الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور"، وأتم عليهم الفضل بإقامتهم في الولاية، يقول جل علاه: "وهو يتولى الصالحين"، هذا وعلى رأس أهل الولاية السادة الأنبياء ثم الصديقون والشهداء والصالحون وحسن أولئك رفيقا، كما جاء في قوله تعالى: "ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا"، هذا ولا شك أن آل بيت الحبيب المصطفى والصحابة والتابعين وتابعينهم رضي الله عنهم من أهل ولاية الله ومحبته، هذا ومحبة الأولياء عبادة ومودتهم فرض، والسعيد من رزقه الله محبتهم والأدب معهم ومودتهم.