رئيس التحرير
عصام كامل

زكى نجيب محمود.. للوجودية وجوه أخرى 2


فى المرحلة الثالثة من رحلته الفكرية، التى شهدت عودته إلى التراث العربى قارئا ومُنقّبا عن الأفكار الجديدة فيه، وباحثا عن سمات الهوية العربية التى تجمع بين الشرق والغرب وبين الحدس والعقل وبين الروح والمادة وبين القيم والعلم.. دعا الدكتور زكى نجيب محمود إلى فلسفة جديدة برؤية عربية تبدأ من الجذور ولا تكتفى بها، ونادى بتجديد الفكر العربى، والاستفادة من تراثه.

رأى الدكتور زكى نجيب محمود أن ترك التراث كله هو انتحار حضارى؛ لأن التراث به لغتنا وآدابنا وقيمنا وجهود علمائنا وأدبائنا وفلاسفتنا، وكان يتمنى ألا نعيش عالة على غيرنا، وإنما نشارك فى هذا العالم بالأخذ والهضم والتمثيل ثم إعادة إفراز ما أخذناه، مثلما فعل المسلمون حينما أخذوا العلم والفلسفة الإغريقية وهضموها ثم أفرزوها وزادوا عليها زيادات مهمة. 

وكان يرى، بحسب الباحث أحمد تمام، أن السر وراء تخلف العالم الإسلامى المعاصر، أنهم يكتفون بحفظ القرآن الكريم وترديده دون العمل بما يشير إليه من وجوب العلم بالكون وظواهره، فإذا تنبّه المسلم إلى أن البحث العلمى فى ظاهر الكون من ظاهرة الضوء إلى الصوت إلى الكهرباء والمغناطيسية والذرة، كل ذلك يشجع عليه ديننا، وإذا أيقن أن البحث فرض دينى، لكان المسلم الآن صاحب العلم وجبروته، ولكان الآن من راكبى الصاروخ وغزاة الفضاء، وصاحب المصانع التى تأخذ من البلاد المتخلفة موادها الخام بأقل ثمن، ثم تردها إليها مصنوعات بأغلى سعر، فيكون الثراء من نصيبه والفقر من نصيب الآخرين، لكن المسلم لم يعقل ذلك كله وظنّ أن العبادة وحدها هى الأمر الإلهى!! ونكمل غدا.

الجريدة الرسمية