رئيس التحرير
عصام كامل

حتى تستعيد صحافتنا مصداقيتها ومكانتها!


متغيرات جديدة ضربت صناعة صحافتنا العريقة في مقتل، أهمها- في رأيي- التعيينات الكثيرة بكافة دور الصحف دون الاحتياج لها بعد أحداث 25 يناير ثم الغلاء الفاحش في مستلزمات الطباعة والتشغيل، الذي تضاعف بعد تعويم الجنيه، وتراجع أرقام التوزيع لجميع الصحف بلا استثناء بدرجات متفاوتة، بعد تهافت المحتوى وخلوه من عوامل التشويه والجاذبية، وهيمنة الولاءات على توجهات الصحف وقناعاتها الفكرية والسياسية، وتدني دخول الصحفيين الذين اضطروا تحت وطأة الحاجة والفقر إلى العمل بأكثر من مكان بحثًا عن لقمة العيش دون الحصول على قدر مناسب من التدريب والتأهل أو تداول الخبرات بين الأجيال؛ مما جعل المهنية الصحفية والحرفية تتراجع وتتدنى، فضلًا على اكتساح الفضائيات والإنترنت لسوق الإعلام وسحبها البساط من تحت أقدام الصحف المطبوعة واستحواذها على سوق الإعلانات، وتراجع نسب المقروئية وأعداد القراء بصورة ملحوظة، بعد غلبة أشكال جديدة للترفيه والتثقيف والتسلية وارتفاع تكاليف المعيشة بصورة أثرت سلبًا على موارد الصحف بصورة كارثية.


ولم تحاول صحافتنا للأسف استيعاب مثل هذه المتغيرات، ولا سعت لمواكبة روح العصر فتجاوزها الزمن، واستحوذ البث الفضائي والإلكتروني على أغلب جمهور الصحف نظرًا لسهولة التواصل والقدرة على التعايش مع آلام الناس وطموحاتهم صوتًا وصورة بأقصى سرعة؛ الأمر الذي يطرح سؤلًا مصيريًا: هل هناك إمكانية لعبور الصحافة المطبوعة هذه المحنة قبل أن تنقرض وتصبح شيئًا من ذكريات الماضي الجميل.. هل يمكن استعادة قدرتها على التواصل والتأثير والمصداقية.. هل تمد الحكومة يد العون للصحافة القومية رمانة الميزان للرأي العام- ليس بالتكفل بمصاريف ونفقات الأجور والتشغيل فحسب بل بتوفير فرص حقيقية للتدريب وتنمية البشر، واستثمار الأصول بصورة أفضل وإسقاط الديون حتى تنتقل من مربع تلقى الدعم إلى الاعتماد على نفسها بقدراتها الذاتية.. هل تمنحها الحكومة الاستقلالية المطلوبة حتى تستعيد ثقة جمهورها وتستعيد الحكومة معها أيضًا مصداقيتها المفقودة من جديد بإتاحة مزيد من حرية النقد للحكومة ذاتها متى تطلب الأمر ذلك.

الجريدة الرسمية