شهادة اللواء سمير فرج!
ربما خطفت "صدى البلد" أمس المشاهدين وسط زحام احتفالات أكتوبر واستبقتهم أمام شاشتها لما قدمته من مادة متميزة ليس فقط من مواد تسجيلية عن الحرب ضد إسرائيل، واعتبرتها حربا واحدة متصلة من الاستنزاف إلى أكتوبر.. إنما أيضا لما تلاها من حلقتين مهمتين للأستاذين مصطفى بكري وحمدي رزق.. الأول هاجم استمرار ظهور صحفيين مصريين على قنوات الإرهاب، حتى لو كان بدافع تمثيل وجهة النظر الأخرى وهي الحجة الدائمة للمشاركة بمبرر يحفظ ماء الوجه.. ثم الحوار الأروع الذي قدمه رزق مع اللواء سمير فرج.. ورغم التألق الدائم للواء فرج إلا أنه تألق أمس كما لم يتألق من قبل.. ليس فقط لتدفقه المبهر- ما شاء الله - إنما أيضا لترتيبه لأفكاره وجرأته في إنصاف قيادات كبيرة ومهمة لعبت أدوارا تاريخية في خدمة الجيش العظيم..
أغلب ما قاله اللواء فرج عن حرب أكتوبر يعرفه الكثيرون.. لكن ما لم يقله سيادته من قبل- أو قاله في نوافذ أقل جماهيرية- هي عدة نقاط مهمة أولها الدور المهم الذي لعبه الفريق أول محمد فوزي وزير الدفاع الأسبق في إعادة بناء الجيش بعد 67 بشكل عصري وعلى أسس علمية ومدى صرامته المطلوبة في مهمته، وفي وقت لم يكن مطلوبا فيه إلا الصرامة.. وقد عرفنا الفريق فوزي في سنواته الأخيرة رحمه الله وزرناه في بيته بمصر الجديدة وباستراحته في الإسكندرية، ولهذا قصة طويلة نرويها في مناسبة أخرى، لكن نشهد على مدى خلقه وتواضعه وعشقه لوطنه..
ثاني النقاط التي أعلنها اللواء سمير فرج صراحة هي حرب الاستنزاف وأهميتها وحجم المعارك بها، حتى أكد أنه لولاها ما وصلنا إلى نصر أكتوبر حتى شرح بنفسه وبغير تفاصيل قصة معركة رأس العش وتدمير المدمرة إيلات والغواصة الإسرائيلية دافار وميناء إيلات ثلاث مرات متتالية، فضلا عن تدمير الحفار الإسرائيلي المستقدم لاستخراج البترول في خليج السويس وغيرها من المعارك..
وثالث النقاط كانت رد الاعتبار للفريق سعد الدين الشاذلي ودوره في وضع خطة "المآذن العالية" للعبور في عهد الرئيس عبد الناصر، ثم دوره في التخطيط لحرب أكتوبر بينما كانت رابع النقاط حديثه عن حائط الصواريخ الذي بني بالكامل في عهد الرئيس عبد الناصر.
وأكد اللواء فرج، أن حائط الصواريخ أخرج طيران إسرائيل من المعركة وحمى عبور القوات من ضرباته، بينما كانت خامس النقاط هي إغلاق باب المندب في حرب أكتوبر ودوره في الانتصار بل وفي انهيار إسرائيل لحصارها تماما وهي النقطة التي قال عنها الفريق الشاذلي نفسه، إنه لولا حرب اليمن ما تحقق ذلك!
لا نقول ذلك لنثبت شيئا أو لننفي أشياء.. فالمُثبت لدينا كما هو قبل وبعد الحوار الممتع الذي أداره أستاذنا حمدي رزق بذكاء لافت وبحرفية كبيرة.. إنما تناولنا فقط الجديد على أغلب المصريين.. وما يسمعونه لأول مرة.. حتى إن اللواء فرج في معرض كلامه عن الفريق الشاذلي أشار إلى تغير "الظروف والأحوال" الآن عن السابق، ويقصد أن حق الشاذلي عاد إليه وكرمته الدولة وكرمه الجيش العظيم وهذا لم يكن متاحا في عهود سابقة!
شهادة اللواء فرج ليست فقط شهادة حق من رجل شجاع ومقاتل يعرف قيمة ومعنى رد الحقوق لأصحابها.. إنما أيضا شهادة خبير متخصص وشاهد مهم ظل لفترة في غرفة العمليات العسكرية أو قريبا منها..
رحم الله الجميع..