رئيس التحرير
عصام كامل

سيناريو ما بعد المصالحة الفلسطينية!


أكثر من ثلاثة مقالات كتبناها الشهر الماضي توقعنا فيها تقريبًا تفصيليا ما جرى أمس.. ونكتب من جديد لنحاول أن نرسم السيناريو المتوقع بعد المصالحة الفلسطينية التي ليست نهاية المطاف بطبيعة الحال.. مصر باختصار تنزع الألغام الإسرائيلية التي تضعها في سبيل أي تسوية.. ومصر تبطل الذرائع الإسرائيلية الأمريكية لإنجاز أي اتفاق، فلسان حالهم يقول "مع من نتفاوض؟ مع من نوقع أي اتفاق؟"، وها هي مصر تلعب الدور المهم لتوحيد الصف الفلسطيني وتبطل هذه الحجج!


هل ستحدث مفاوضات فلسطينية إسرائيلية بعد إنجاز المصالحة؟ أغلب الظن نعم.. وأغلب الظن بكل أسف -بكل أسف- أن المفاوضات لن تنتهي إلى أي شيء.. إسرائيل لن تنسحب من متر واحد، ولا الدولة الفلسطينية سيتم إعلانها بالشكل الذي يحلم به أي عربي حتى بالحد الأدنى للأحلام وهي دولة منزوعة السلاح لا تضم مطارات ولا جيش ولا حدود منفردة مستقلة مع جيرانها!

إذن لماذا المفاوضات؟ الإجابة أن المفاوضات -أي مفاوضات في الدنيا- تكون بين أطراف لكل منها وجهة نظره.. الفلسطينيون يريدون وطنهم.. والمصريون يريدون إشغال المنطقة بالحوار والمفاوضات أفضل من إشغالها بالإرهاب، وان تكون مصر داعية سلام افضل من أن ينشغل الإعلام الغربي بـ"أشياء أخرى"، كما أن مصر ترى أنها توحد، بينما غيرنا يفكك، ومصر تريد أن تظل القضية الفلسطينية على قيد الحياة! أما الإسرائيليون فيتوهمون أنهم قادرون على إجراء مفاوضات استهلاك وقت لفترة يمكن استغلالها لبناء تحالف سني تدعمه إسرائيل ضد الشيعة!! يشعل المنطقة لسنوات ولا يتوقف إلا بعد تدمير كل شيء! وهو ما لن تقبله مصر ولن توافق عليه ولن تشارك فيه بل تدرك أبعاده كلها!

فعلوها سابقًا قبل تدمير العراق وبعد تدمير العراق لم يحصل العرب على أي شيء، وانتهت أوسلو وغيرها بغير نتائج.. وإسرائيل منذ اليوم الأول للمفاوضات من أجل السلام حتى قبل كامب ديفيد ولها تصورها لأبسط حقوق الفلسطينيين وهو الحكم الذاتي، وتعتبره للسكان وليس للأرض، أي بشكل أقرب للحكم المحلي في مصر، وهو تصور شارك في وضعه "الياهو بن اليسار"، الذي كان سفيرا للعدو الإسرائيلي فترة في مصر بعد السلام.. ولذلك لم يكن صحيحًا أن مفاوضات المينا هاوس الشهيرة كانت ستحل شيئًا في الصراع بل كانت إسرائيل قد قررت الانسحاب إذا حضر ياسر عرفات وكانت تعتبره إرهابيًا!

الخلاصة: مصر تدير وتشهد العالم والتاريخ على ما يجري وليس أمامنا الآن -الآن- إلا ذلك والفلسطينيون كانوا في أوضاع أكثر قوة في وأوقات سابقة ولم يحصلوا على شيء وإسرائيل كان حالها أسوأ وأضعف من ذلك في أوقات سابقة ولم تتنازل عن شيء.. ويكفيها التفجير الإرهابي الذي تصنعه لتنهي أي مفاوضات أو يكفيها انتخابات داخلية ليسقط نتنياهو ويأتي من يرفض استكمال المفاوضات.. وهكذا تفعل دائمًا!

السطور السابقة ليس الهدف منها إحباط أحد.. وإنما تأكيد قانون الصراع الأساسي مع عدو مثل إسرائيل يعتمد على النبوءة الدينية في وجوده وهو أن "ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة" ولكن السؤال الأهم: هل نمتلك القوة؟ الإجابة المؤكدة: القوة الشاملة العسكرية والعلمية والاجتماعية والسياسية لا نمتلكها.. لكن حتمًا سيأتي جيل يمتلكها.. وعلينا أن نبقي القضية الفلسطينية حية حتى يتسلمها ذلك الجيل الذي سيأتي في يوم ما في زمن ما.. حتمًا سيأتي!
الجريدة الرسمية