رئيس التحرير
عصام كامل

شجاعة وزير.. والخليط العشوائي.. وضربة البداية!!


وزير التعليم الحالي د. طارق شوقي يملك رؤية حقيقية للإصلاح.. لكن الأهم أن تفهم المستويات الأدنى في وزارته فلسفة هذه الرؤية وأن تؤمن بحتمية ذلك الإصلاح ولا تنظر إليه على أنه عبء بلا مقابل.


البداية الصحيحة هي مفتاح أي نجاح، وأظن ضربة البداية لا بد أن تنطلق من إقناع القائمين على التعليم والصحة والسكان بضرورة إصلاحها.. فلا توجد دولة متقدمة في العالم إلا وعبرت من بوابة التعليم الناجح والصحة العفية إلى التقدم والتطور.. كل تجارب النجاح في العالم تشير إلى أن التعليم والصحة هما ضربة البداية الصحيحة.. كوريا الجنوبية كانت مثلنا وربما أقل منا حتى خمسينيات القرن الماضي ثم ها هي اليوم قوة اقتصادية ونمر آسيوي بازغ في سماء النهضة، الأمر ذاته ينطبق على سنغافورة وهونج كونج وماليزيا وإندونيسيا وغيرها من بلدان يجمعنا بها رابط ثقافي أو عقائدي أو ظروف تاريخية مشابهة.. لكن شتان بين نهضتها وتخلفنا.. بين تعليمنا وتعليمها.. بين صحة شعبها وصحة شعبنا. 

والسؤال: هل نملك خريطة واضحة لأجندة التعليم والصحة.. وهل تكفي رؤية الوزير وحماسه لتحقيق النجاح المطلوب وعبور عقبات البيروقراطية المصرية العريقة.. هل ينجح د. طارق شوقي في القضاء على مافيا الدروس الخصوصية والكتب الخارجية ويجعل للتعليم طريقًا واحدًا هي المدرسة، وكتابًا أو منهجًا واحدا لكل مادة هو كتاب المدرسة في شكله التقليدي أو المتطور، وأن تكون المدارس كلها منظومة واحدة ومناهج واحدة والقضاء على العشوائية والفوضى الموجودة في تعليمنا ما بين مدارس خاصة وحكومية وقومية ولغات وأجنبية ودولية؟!.. هذا الخليط العشوائي الذي لا تسمح به أي دولة في العالم كما نرى في مصر. 

متى نرى نظامًا موحدًا لا غش فيه ولا ازدواجية ولا دروس خصوصية.. متى يصبح الذهاب للمدرسة محببًا إلى قلوب التلاميذ ومتعة وليس عقابًا لهم بتحميلهم حقائب تنوء بها ظهورهم ومناهج تضج بها عقولهم وحشو تضيق به صدورهم وذاكرتهم.. متى نرى تعليمًا فنيًا واعيًا بحركة الحياة والمجتمع والمنافسة العالمية في سوق العمل والتصنيع، تعليمًا فنيًا يحترمه المجتمع ويرغب فيه الطلاب ويعبر عن رؤية حقيقية للإصلاح واستيعاب روح العصر ومستجداته.. متى نرى تعليمًا جامعيًا لا يلتحق به إلا ذوو القدرات والملكات القادرة على إحداث التغيير وقيادة المستقبل؟!
الجريدة الرسمية