رئيس التحرير
عصام كامل

استقالة متأخرة.. ولكن!


لا أظن أن حديثا يعلو فى الأيام المقبلة فوق استقالة المستشار القانونى لرئيس الجمهورية الدكتور محمد فؤاد جاد الله، صحيح أن الاستقالة جاءت متأخرة كما هو الحال بالنسبة لاستقالة المستشار أحمد مكى وزير العدل!


لكن الأسباب السبعة للاستقالة كانت واضحة وكاشفة، ويحمل فيها صراحة «الرئاسة» مسئولية ما وصلت إليه البلاد من تراجع كبير على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية. 

وحجم الخطر الكبير الذى تتعرض له مصر، وبصرف النظر عما أعلنته الرئاسة من أن عدم حصول جاد الله على منصب وزارى وراء الاستقالة، وهو اتهام ما كان يجب أن يخرج من مؤسسة كبيرة كالرئاسة حتى لو كان صحيحا.

فإن ما جاء بخطاب الاستقالة يدعونا جميعا أن نحلله ونوقفه، وسنكتشف أن كل ما اعترض عليه صاحب الاستقالة هو نفس ما تعترض عليه جبهة الإنقاذ والمعارضة عموما سواء من اغتيال ممنهج للسلطة القضائية والعدوان عليها وعدم حل مشكلة النائب العام والتمسك بحكومة قنديل الضعيفة وعدم الحوار مع جميع الأطراف من أجل التوصل إلى ما يحقق مصلحة الوطن، والأهم احتكار تيار واحد لإدارة البلاد وعدم تمكين الشباب من ممارسة دوره.......الخ.

لاشك أيضا أن جاد الله أراد من الاستقالة أن يبرئ ذمته من الإعلانات الدستورية والقرارات الرئاسية التى كانت صادمة للمجتمع المصرى كله!!

أما الاستقالة المتأخرة لوزير العدل فكان توقيتها الصحيح يوم أن صدر الإعلان الدستورى المستبد ومحاصرة المحكمة الدستورية.
وكان يجب أن يكشف المستشار مكى عن مشروعه للسلطة القضائية الذى أعده وتجاهله مجلس الشعب المنحل.. وكان ليس من بنوده أبدا النزول بسن التقاعد إلى ٦٠ عاما.. بينما كان المشروع يهدف إلى استقلال حقيقى للقضاء بنقل تبعية التفتيش القضائى وكل ما يخص شئون القضاء إلى المجلس الأعلى للقضاء بدلا من وزارة العدل.

كان على المستشار مكى، الذى أظنه أنه سيرجع فى استقالته أن يعلن صراحة عن الأسباب الحقيقية وراء الاعتداء على المحاكم وإهانة القضاء والنيل من سمعته وكرامته فى هذا التوقيت بالذات..

كان يجب على سيادة الوزير أن يفسر لنا لماذا الآن تم تقديم مقترح حزب الوسط بشأن النزول بسن القضاة فقط دون أى ما يدعم استقلال القضاء فى المشروع المقدم بمجلس الشورى؟ وأظنه أيضا سوف يؤجل إلى أن يتم انتخاب مجلس النواب الجديد بعد الوقفة التاريخية لنادى قضاة مصر وكل قوى المجتمع لمواجهة ما يدبر من اغتيال للسلطة القضائية.

سيادة الوزير.. استقالتك.. خطوة مهمة.. وصحوة ضمير لا تراجع فيها.
الجريدة الرسمية