رئيس التحرير
عصام كامل

ساعدوا.. هذا الوزير الشجاع!


فتح الدكتور طارق شوقي وزير التعليم، ملف إصلاح التعليم بكل قوة، ويبقى أن نساعده وأن نفتح حوارًا مجتمعيًا جادًا ترعاه الدولة بعقد مؤتمر جامع لقيادات الرأي والفكر وخبراء التربية والعلم لتأسيس منظومة حقيقية مستقبلية للتعليم والبحث العلمي ووضع أسس قوية ملزمة، تمنع إهدار المال العام وتنظم مسألة المجانية التي فقدت جدواها حين جرت إتاحتها لمن يستحقها ومن لا يستحقها.. من يملك مقومات التعليم والنبوغ ومن ينجح بالغش وطرق أخرى.. ينبغي أن يكون التعليم الأساسي مجانيًا للجميع، ويفتح الجامعي والعالي بالمجان للناجحين المتفوقين الذين على الدولة أن ترعاهم حتى الدكتوراه، وألا يقتصر التطوير على تغيير شكل الثانوية العامة أو التعليم الأساسي، بينما الجوهر فقير، والارتباط مفقود بين البحث العلمي وسوق الإنتاج والعمل والقيمة الاقتصادية المضافة.


التعليم الفني عندنا لا علاقة له بالتطور ولا بروح العصر، وإن أردنا إصلاحه فعلينا دراسة تجربة ألمانيا مثلًا أو حتى الفلبين.. خريجو التعليم الفني هناك لديهم فرص أفضل في الأجر وتوليد الثروة وخدمة المجتمع.. السباك والميكانيكي والنجار هناك فني متعلم وصنايعي ماهر.. التعليم عندنا فشل في امتصاص 13 مليون أمي، ولم يغير ثقافة السكان الذين يزيدون سنويًا بمعدل 2.5 مليون نسمة.. التعليم عندنا أنتج ثقافة لا تنظر للمستقبل بل تلجأ إلى الخرافة والشعوذة والإدمان، وهي الأمراض التي تهدر على الدولة عشرات المليارات من الجنيهات سنويًا.. التعليم عندنا أفرز بيئة لا تخاصم التطرف، بل توفر بيئة حاضنة للإرهابيين.. وبدلًا من إصلاح الجامعات والمعاهد الحكومية فقد جرى السماح بإنشاء جامعات خاصة، صار بعضها بابًا خلفيًا لتخريج شباب غير مكتمل النمو علميًا، وبابًا لإهدار مليارات أخرى على تعليم عالٍ غير منتج وغير صالح.

آن الأوان لربط الجامعات ومراكز البحث بجهات الإنتاج المختلفة في مصر، وعلى الدولة أن ترعى وتحفز مبادرات للتوأمة بين القطاع الخاص ورجال الأعمال وتلك الجامعات لتبني أفكار الموهوبين مثلما يحدث في الخارج؛ إذ يتعاون قسم الطبيعة في هارفارد مثلًا مع شركة مايكروسوفت العملاقة.. وكفانا انفصامًا بين البحث العلمي ومراكز الإنتاج.

الريادة الحقيقية ليست في الفخر بتاريخ وحضارة السبعة آلاف سنة بينما الواقع لا يمت لهذه الحضارة بأدنى صلة.. في العلم وحده مفاتيح المستقبل ولن تقف مصر على قدميها إلا بالعلم ولن تستغني عن المساعدات التي تعايرنا بها أمريكا إلا بالاعتماد على عقول أبنائها وسواعدهم وإنتاجهم.. فإذا أردت أن تكون كلمتك من رأسك فلا بد أن تكون لقمتك من فأسك.

التعليم والصحة والتشغيل والسكان ملفات أكثر من مهمة ولا تحتمل مزيدًا من التأجيل أو البطء في المعالجة إن أردنا أن يكون لنا موطئ قدم على أرض المستقبل.

الجريدة الرسمية