رئيس التحرير
عصام كامل

«صفقة القرن».. القاهرة تقدم أكبر فرصة لحل القضية الفلسطينية.. خطة السيسي لاستئناف المفاوضات المتوقفة.. مؤتمر دولى نهاية العام لتوقيع اتفاقية سلام جديدة.. و«بن سلمان» يشارك في «

الرئيس عبدالفتاح
الرئيس عبدالفتاح السيسي

فلسطين.. تحولت من قضية أمة إلى مجرد مصطلح للمتاجرة السياسية، أنظمة تستخدمها كـ”قميص عثمان” لمغازلة الشعوب في العلن، وتعقد الصفقات في الخفاء مع المحتل الإسرائيلى، وأخرى تهدد بإزالة العدو من على وجه الأرض، وتظل عيون الشعوب العربية شاخصة منتظرة مشاهدة صواريخ تنزل على تل أبيب فتحرقها، وقوى ثالثة حولت دماء شهداء فلسطين إلى مداد لكتابة عبارات الخطب الرنانة أمام وسائل الإعلام والمحافل الدولية، دون التحرك نحو حل حقيقى يبعث بارقة أمل في قلوب شعب فقد أرضه، وتحول إلى ضيف ينتظر الفتات الذي يقدمه له المحتل (إسرائيل).


خروج الملف من القاهرة
خرج ملف القضية من أدراج الأمة العربية، وتناقلته إيران وتركيا بهدف استغلاله كورقة مقامرة تحقق من خلفه المصالح السياسية مع أمريكا وإسرائيل، ودخلت قطر على خط الشتات الداخلى لإطالة أمد المعاناة، واستغلت بشكل جيد الخلافات بين الأشقاء (فتح وحماس)، واستضافت قيادة المكتب السياسي لـ”حماس” ليس بغرض خدمة الشعب الفلسطينى، بقدر استغلال الواقع لتحقيق مكاسب، وتحولت غزة ومواطنوها إلى سلعة تباع وتشترى في سوق النخاسة السياسية.

وتسبب تراجع الدور المصرى إقليميا عقب أحداث ثورة يناير 2011، في هروب ملف القضية من القاهرة، وسط غفلة داخلية بسبب الصراع السياسي الذي شهدته البلاد عقب رحيل نظام حسنى مبارك عن الحكم، ودخول جماعة الإخوان إلى السلطة، والتي سهلت لتركيا وقطر وإيران نقل الملف بين عواصمها، واختطاف أطرافه لترسيخ الانقسام داخليا وعرقلة أي جهود للتسوية.

ملف المصالحة
مع العودة التدريجية لمصر وممارسها دورها الإقليمى، نجحت القاهرة خلال السنوات الماضية في جذب الأطراف للعمل على حلحلة الملف تدريجيا، حتى وصلت إلى ذروته في مفاجآت سبتمبر الجاري، التي بدأت باستضافة القاهرة وفد المكتب السياسي لحركة حماس بقيادة إسماعيل هنية، وبعدها استقبال وفد فتح بقيادة عزام الأحمد، وإعلان حماس حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة والاستعداد لاستقبال حكومة رامى الحمد الله لممارسة مهام أعمالها بالقطاع، وتبلورت التفاهمات باتصال بين هنية وعباس أنهى عقدا من الخصام بين الأشقاء.

كلمة السيسي
على ما يبدو أن الجانب المصرى كثف جهوده خلال الفترة الأخيرة استعدادا لحمل الرئيس عبدالفتاح السيسي هدية للعالم باقتراب حل القضية الفلسطينية، وتمهيد الأرض داخليا من خلال المصالحة، والدخول بعدها في مفاوضات مباشرة مع الاحتلال الإسرائيلى برعاية الطرف الأمريكى، الذي علل غيابه طول السنوات الماضية باختلاف الفرقاء، وعدم وجود الطرف الثانى على طاولة الحوار.

“السيسي” حرص على قطع كلمته المكتوبة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الـ72، والخروج على نصها لتوجيه رسالة إلى الشعبين الفلسطينى والإسرائيلى، لحثهما على السلم واستلهام تجربة السلام الممثلة في معاهدة “كامب ديفيد”، البعض سارع في انتقاد خروج السيسي عن النص، واستغرب من الرسالة قبل التمهل لفهم قادم الأيام، وما تحمله القاهرة للقضية والعالم.

لقاء ترامب
هدية مصر للمنطقة والعالم، لإحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط، أراد “السيسي” التبشير بها لقادة العالم بحسب دبلوماسى عربى، عقب اللقاء الذي عقده مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، وقبل لقاء الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.

الرئيس المصري- وفقا لتأكيدات المصدر- حمل في حقيبته إلى نيويورك ملف القضية الفلسطينية وخطة سلام مرضية للشعب الفلسطينى، ومدعومة بمباركة قادة الأمة العربية، الخطة بدأتها القاهرة بغرس بذور الوفاق بين الفرقاء، وحصلت على تعهدات من حركة حماس بتمكين السلطة الشرعية الممثلة في الرئيس محمود عباس أبو مازن، لتفويت فرصة التعلل بذريعة الانقسام والتهرب من الجلوس على طاولة المفاوضات لوضع حد لعقود الدم.

مؤتمر شرم الشيخ
تحركات القاهرة المدعومة إقليميا، أوصت بعقد مؤتمر سلام إقليمى يحضره الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، إضافة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وعاهل الأردن الملك عبدالله الثانى، والرئيس الفلسطينى محمود عباس أبومازن، ومشاركة وفود عربية بوفود رفيعة المستوي، وأكد المصدر أن المؤتمر سوف تشارك فيه المملكة العربية السعودية، بشخصية رفيعة المستوى، رافضا الكشف عن اسمها– يدور في الكواليس حديث عن حضور ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان.

ولفت المصدر إلى أن هناك مفاضلة تتم الآن حول اختيار مكان انعقاد مؤتمر السلام المزمع انعقاده منتصف ديسمبر المقبل، بين مدينة العقبة الأردنية، وشرم الشيخ المصرية، معتبرا أن هذه القمة فرصة القرن، التي تقدمها مصر الجديدة في عهد السيسي، بعدما تلاشت القضية ودخلت طى النسيان، وسيطرت على عناوين الصحف الصراعات بين فتح وحماس، ونجحت إسرائيل في استغلال الوضع وسوقت لنفسها دوليا بصورة الضحية التي تبحث عن طرف مفاوض للسلام.

صفقة القرن
شروط النجاح متوفرة هذه المرة، هكذا قال المصدر، وبرر تفاؤله تجاه الحل بسبب الدعم الأمريكى المقدم لخطة القاهرة، خصوصا أن الرئيس دونالد ترامب، يعول على إنجاز يكتب في تاريخه، بتحقيق ما أسماه “صفقة القرن”، بهدف تقديم نفسه كأول رئيس أمريكى يفى بوعده في حل القضية الفلسطينية.

“ترامب” من وجهة نظر المصدر، رجل أعمال يدير السياسة بمفهوم الصفقة، ويعتبر أن حل قضية السلام في المنطقة مكسبها الأكبر في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية، في ظل فزع واشنطن من دول شرق آسيا (الصين وكوريا الشمالية) ورغبتها الشديدة في التوجه لهذا الجزء من القارة، بعدما فقدت نفوذها هناك نتيجة الانغماس في الغرب بسبب الاحتلال الإسرائيلى.

مساندة السعودية والعرب
وأكد المصدر أن المملكة العربية السعودية هي الأخرى تساند الجهود المصرية، ووعدت بالتواجد في قلب أي اتفاق لطمأنة الأطراف، وجاء ذلك نتيجة إدراك النظام الحاكم في المملكة خطورة ترك الملف الفلسطينى رهينة لقوى إقليمية تتلاعب به لتحقيق مآرب أخرى بعيدة، والتعويل عليها في تشويه العرب واستغلاله في نشر فوضى إقليمية بالمنطقة، من خلال دعم ميلشيات إرهابية بالسلاح بذريعة مقاومة الاحتلال، في وقت توجه فيه نيران هذه الأسلحة لصدور العرب، لتحقيق أهداف طائفية حولت صراع العرب من مواجهة مع محتل إسرائيلى إلى حروب بين سنى وشيعى.

استغلال الفرصة
في نهاية حديثه لشرح خطوات حل قضية معقدة ومتشابكة الأطراف عملت عليها أجهزة الاستخبارات بالتوازى مع الجهود الدبلوماسية، نصح المصدر بضرورة اغتنام الفرصة المتاحة في ظل إدارة أمريكية تعتبر الحل صفقة، ونشاطا مصريا يعمل على خلق فرصة، واستعدادا عربيا لتقديم كل أشكال الدعم لإحياء أمل الشعوب العربية عامة والفلسطينى خاصة لإحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط.

كما أنه لم يستبعد مناورة المحتل الإسرائيلى للتهرب من مواجهة الاصطفاف العربى بقيادة مصر، لكن في المقابل- حسب وصفه -الاستسلام لهذه المراوغة، والتخلى عن ممارسة ضغوط على الجانب الأمريكى لممارسة نفوذه على الجانب الإسرائيلى، وأى خروج عن هذا الصف الآن سوف يعد خيانة لقضية أمة.

"نقلا عن العدد الورقي"..
الجريدة الرسمية