رئيس التحرير
عصام كامل

«تأديب» شركات المحمول!


قلت لصديقي: طالما تخلفنا منذ الانفتاح الاقتصادي في تأسيس جمعيات حماية المستهلك لذا يحق لشركات المحمول أن تفعل ما تشاء! رد على الفور: لكن شركات المحمول لن تقرر زيادة إلا بموافقة الحكومة! كان رد صديقي كاشفا ومؤكدا لما قلناه.. ودليل غياب الوعي تماما عن المصريين بفلسفة جمعيات المستهلكين.. لأن جمعيات حماية المستهلك تتصدى حتى للحكومة نفسها.. لأنها أصلا تعبر في نشاطها وحركتها عن مصالح عموم المستهلكين.. أي الشعب نفسه والقصة كاملة لكن باختصار وبتكثيف وتبسيط شديدين في الآتي:


مصر منذ الانفتاح الاقتصادي عام 1974 بدأت تتخلي تدريجيا عن النظام الاشتراكي الذي تتولي الدولة فيه تمثيل الشعب ومصالحه.. تقرر تسعيرة جبرية أو تعاقب المخالفين وهي ضابط إيقاع النشاط الاقتصادي كله.. كان المفروض عند التحول لنظام السوق أو العرض والطلب أن تؤسس الدولة بنفسها هيئات لحماية المستهلك من الجشع أو من الاحتكار أو منهما معا وهو ما لم يحدث.. لذا أصبح المصريون بلا غطاء وبلا حماية أمام المنتجين أو مقدمي الخدمات.. مثل خدمات المحمول.. لأن الدولة وقعت اتفاقيات تعهدت فيها بعدم التدخل في الأسواق ومنها اتفاقية الجات التي وقعتها الحكومة قبل أكثر من 15 عاما.. بينما يبني نظام السوق الحر أساسا على قدرة المستهلك في اختيار قراره الانسب له.. مثلا يقرر أن يتوق عن شراء سلعة ليهبط سعرها أو يقرر التعامل مع الأسواق الحكومي لتنخفض نفس السلعة عن باقي التجار.. ولأن شعبنا لم يتدرب على ذلك ولم تساعده الحكومات السابقة على ممارسة العمل الجماعي لذا يظل فريسة للمنتجين أو مقدمي الخدماتّ!

هؤلاء المنتجون ومقدمو الخدمات متوحدون وينسقون قراراتهم وأول أمس اعترف مسئولون بوزارة التموين بأن هؤلاء هم من عطلوا قرار وضع أسعار المنتجات مطبوعة عليها لعدة اشهر!! وضغطوا من أجل ذلك !!! وهو ما حذرنا منه وقتها في أكثر من مقال!

الحل إذن أن يتوحد المستهلكين في عمل جماعي واحد.. لكن كيف ووعيهم أصلا أقل من المطلوب؟ مثلا كتبنا مقالا قبل أيام هاجمنا فيه بعض الشخصيات فقام الكثيرون جدا بنشره.. وبعدها بيوم كتبنا عن قرار وزير التموين بإلزام الشركات بوضع الأسعار على المنتجات.. ورغم أنه قرار يتصل بمصالح الناس مباشرة وبدلا من الاهتمام به ونشره على أوسع نطاق لخلق رأي عام ضاغط وداعم للقرار إلا أن القليل من قاموا بنشره!! ولذلك فالمواطن المصري لا يعرف صراحة مصالحة وغير مدرب جيدا عن العمل الجماعي!

ما الحل إذن؟ لا حل إلا بالمواجهة والسعي لتأديب هذه الشركات التي رفعت الأسعار وبهذه النسبة الكبيرة رغم زيف المزاعم بأن سعر الدولار هو السبب.. ولذلك على الناس تنظيم أنفسهم وتنظيم حملة كبيرة تنطلق بعد المقال مباشرة لمقاطعة هذه الشركات بشكل تدريجي ومنظم.. والمقاطعة التدريجية تعتبر مفاوضات علنية مع هذه الشركات.. شرط أن تلتزم أغلبية الناس بما تقرره حملات المقاطعة.. أما مقولة "يعني هي جات عليا أنا" هي أساس كل المصائب التي يتعرض لها المستهلك المصري وإعادة نشر هذا المقال -مثلا- مؤشر مباشر على القدرة على الفعل واستيعاب السطور السابقة!
اللهم بلغت اللهم اشهد !
الجريدة الرسمية