القاتل الحقيقي في الإسكندرية!
أن تصل سيارة الإسعاف بعد ساعة كاملة -ساعة كاملة- من إبلاغ مسئوليها بحادث سقوط تلميذ بمدرسة إعدادية من أحد فصول المدرسة ومن الدور الثالث تحديدًا فنحن إذن أمام إهمال لم يسبق له مثيل وعندما نعلم أن المدرسة بقلب منطقة "كليوباترا" أي قريبة من مقر "هيئة الإسعاف" ولا يوجد ما يعوق وصول سياراتها إلى مكان الحادث وفي زمن مناسب فنحن أمام جريمة كاملة! وعندما نعلم أن معدل إنقاذ المصابين في الدول الأخرى يقدر بالدقائق القليلة سنعرف مقدار التخلف في تقدير قيمة الإنسان عن غيرنا! وعندما لا يصدر أي بيان من وزارة الصحة ولا نعرف حتى كتابة هذا المقال أن مسئولا واحدًا على الأقل في إسعاف الإسكندرية أو حتى في الحي الذي وقع به الحادث قد أوقف عن العمل أو حتى تمت إحالته للتحقيق فنكون أمام إهمال مركب واشتراك في الجريمة بالتغاضي عن المهمل وعن الإهمال ذاته وأن مثل هذه الحوادث المؤسفة قد تتكرر!
السؤال: متى يمكن أن يشعر "المصري" أن له ثمن؟ ومتى يشعر "المصري" أنه إنسان له كل الحقوق الطبيعية المعترف بها لا يريد أكثر منها لكنه يحلم ألا تكون قيمته أقل منها؟ ومتى يشعر "المصري" أنه سيد في بلاده، إن ذهب إلى قسم الشرطة للإبلاغ عن ظلم تعرض له أنصفوه، وإن اتصل بشرطة النجدة في موقف طارئ أنجدوه، وإن اتصل بعضهم بالإسعاف لإنقاذ آخرين سارعوا بكل ما أوتوا من سرعة؟!
الأمانة تقتضي أن نذكر ونتذكر تضحيات كبيرة قدمها أبطال شجعان من مسعفين ورجال شرطة ومطافئ منهم من قدم حياته إنقاذًا للآخرين ومنهم من عرضها للمهالك ونجا وأنقذ غيره.. لكننا نتحدث عن الإيقاع الدائم والأداء الوظيفي الطبيعي وعن الأصل وليس عن الاستثناء!
الرئيس السيسي يبذل جهودًا جبارة هنا وهناك.. لكن يبقى "المصري" منفصلا عن هذه الجهود إن لم يقم باقي المسئولين بأداء واجباتهم على الوجه الأكمل ويشعرون هم بأنفسهم وبشكل مباشر في تغيير كبير يشعرهم بآدميتهم وأنهم في وطن يحترمهم!
رحم الله التلميذ الصغير.. وألهم والدته وإخوته وأسرته وزملاءه وجيرانه كل الصبر.. وعاقب الله بقدرته كل مهمل تسبب في وجع العمر لأسرة الفقيد وإلى أن نجد في مصر آلية مباشرة لعقاب المهملين!