رئيس التحرير
عصام كامل

28 ألف فدان ضحية العيد.. وأكثر من مليون منذ 25 يناير!


عندما يتكرر الخطأ مرات ومرات بل يصبح أمرا مألوفا وعاديا، هنا المشكلة ليست في المخطئ بل في من تركه يكرر الخطأ أمام الملأ، باختصار التعديات التي تحدث من المواطن على أراضي الدولة أو الأرض الزراعية أو البناء في أماكن ممنوع البناء فيها، سأعود لأكثر من خمسة وعشرين عاما، وفى مكتب الراحل متعدد المواهب سمير عبدالعظيم.. الذي قدم للدراما الإذاعية والسينما الكثير منها "أفواه وأرانب" و"على باب الوزير" و"شعبان تحت الصفر" و"البرارى والحامول" وقصة حياة "إسماعيل ياسين" و"أم كلثوم، فكان مؤلفا ومخرجا وأحد ملامح إذاعة الشرق الأوسط، ورحل نائبا لرئيس الإذاعة، كنا نتحدث عن الشخصية المصرية والتي يظهر أنها طيبة في العموم إلا أنها تمارس الخبث أحيانا كثيرة، قال سمير عبدالعظيم: في الدنيا أحيانا تمارس لعبة القط والفأر بين المواطن والحكومة، في مصر دائما المواطن يكسب جميع معاركه بذكاء أو خبث!


وأضاف: الحكومة تطارد المواطن طوال العام، ولكنها تغيب في الإجازات، وهنا ينتقم المواطن منها لتحقيق أهدافه التي لا يستطيع تحقيقها في وجود الحكومة، وضرب مثلا بأشهر محل كشرى في البلد، وكان صاحبه يمتلك عربية كشرى عادية وكان يتوافد عليه الناس لحسن أكله وأصبح مشهورا، فلما حاول الحصول على رخصة لبناء محل كشرى في نفس المكان الذي يقف فيه، لم يعرف لأى سبب، ربما بسبب جهله أو لأن البناء في المكان الذي طلبه ممنوع البناء عليه، خاصة حيوية المنطقة وقربها من نقابات الصحفيين والمحامين، ولكنه يعلم أن الحكومة تأخذ إجازة وتتغيب تماما عن الشارع في الإجازات خاصة الإجازات الطويلة مثل إجازة العيد، وبالفعل في إحدى إجازات عيد الأضحى، وضع أساس وأعمدة لمحل الكشرى، وعندما عادت الحكومة من إجازاتها، اكتشفت أن هناك مخالفة، وتم تحرير مخالفة بناء، وبعد الشد والجذب تم قيمة المخالفة والمصالحة، وحقق الهدف الذي سعى إليه وأصبح أشهر محل كشرى في القاهرة!

وأيضا أذكر في المؤتمر الصحفى للفريق أحمد شفيق رئيس وزراء مصر أثناء أحداث 25 يناير 2011، سئل عن التعديات والمخالفات التي تتم الآن! رد الفريق أحمد شفيق: الدولة ستسترد كل ملي متر ولن تتهاون في أي تجاوز سواء على الأراضي الزراعية أو البناء بدون تراخيص!

ومنذ شهرين أو أكثر قليلا كانت حملة استعادة حق الدولة من المخالفين في جميع أنحاء الجمهورية، وكانت التصريحات تؤكد أن هيبة الدولة قد عادت مرة أخرى، وتبارى المحافظين في إعلان ارقام ما تم استعادته سواء بالقيمة المالية أو مساحات بالافدنة ولا مانع أن البعض كان يصدر تصريحاته بالامتار، وهدأت الحالة التي الهبت البعض حماسه، ولكن نفاجأ ببيان من مكتب وزير الزراعة أن 28 ألف فدان ضحية اجازة عيدالاضحى!

وأضاف مكتب الوزير: أن مليونا و78 ألف فدان خسائرنا من الأرض الزراعية منذ يناير2011! والأسوأ أن يؤكد أن ما تم إزالته فقط 29.8 % من حجم المخالفات.. بمساحة 23.330 ألف فدان!

الرجاء التدقيق جيدا في الأرقام، مصر خسرت مليونا و78 ألف فدان فقط أي أن هناك مليون فدان وأكثر ضاعوا للأسف، وليس هذا في فقط في خمسة أيام إجازة عيد الأضحى المبارك ضاع 28 ألف فدان، يعنى تقريبا إننا لن نستعيد شيئا من الأراضي المعتدى عليها منذ أحداث 25 يناير!

هنا سأنقل فقط بعض ردود أفعال الأصدقاء، د.نبيل الطوخى أستاذ التاريخ الحديث والمهموم بالشأن الوطنى قال: الاعتداء على الأراضي الزاعية أكبر خطرا على الأمن القومى المصرى! الكاتب محمد شمس الدين: تصريحات دليل فشل وبجاحة غريبة، هذا لو في اليابان لانتحر أشرف! الأستاذ إبراهيم الجمال: فساد المحليات مع الفسدة من الأهالي للأسف!

المدهش أن الحكومة تعلم منذ سنوات طويلة بما يحدث من الأهالي وتواطؤ البعض من العاملين في المحليات، ولا تفعل شيئا لإيقافه، وهنا يصبح المسئول الأول عن هذه الكارثة هو الحكومة بكل أجهزتها، بعجزها، أصبح الاعتداء بالبناء على أراضي ممنوعة أو البناء على الأراضي الزراعية ونحن أحوج إلى قيراط لزراعته أمرا عاديا ومألوفا.. ونحن نشكر الحكومة ووزارة الزراعة وكل الأجهزة على هدية عيد الأضحى المبارك بضياع 28 ألف فدان في خمسة أيام.. وكل أضحى وأنتم خيبانين!
الجريدة الرسمية