أحزاب وقَتَلَة
أسوأ اختراع اخترعه المسلمون هو وضع الدين في موضع السياسة والحكم، ووضع السياسة والحكم في موضع الدين، وأسوأ ما فعلناه نحن المسلمون أننا رفعنا راية الإسلام نبتغي بها الحكم والدنيا، فلا الإسلام أصبنا، ولا الدنيا أصلحنا، زعم بعضنا أنهم سيصلحون الحكم بالدين فأفسدوا الدين بالحكم وجعلوه صراعا وقتالا، أخرجنا الدين من مضامينه الإنسانية وجعلناه دين سيوف وقبور، وكذبنا حينما قلنا إن الإسلام حكمٌ وسياسة.
ولا يزال العقل المسلم عاجزا عن فهم القيمة الإنسانية للإسلام، ولا يزال يظن أن الإسلام بتصوراتهم الضيقة يجب أن يحكم كل سكناتنا وحركاتنا، وأننا يجب أن نسير على "الكتالوج" الذي وضعوه هم ونسبوه إلى الله سبحانه، وقالوا إن هذا هو "كتالوج" الخالق ويجب أن نسير عليه ولا نبتكر لأنفسنا، وكانت آلافة الكبرى تلك الحركات التي نسبت نفسها للإسلام والإسلام لا يعرفها، ثم تلك الأحزاب التي قالوا إنها الجناح السياسي لجمعياتهم الدينية، ثم زعموا في ذات الوقت إنها ليست أحزابا دينية ولكنها مدنية، ولذلك فإنه من الأمور التي يجب حسمها في هذه الفترة موقف الدولة المصرية بمشروعها المدني الحديث من تلك الأحزاب ومنها حزب النور وحزب "مصر القوية"، وحزب البناء والتنمية الإرهابي وحزب الأصالة الذي اندمج معه حزب النهضة الإرهابي، وغيرهم من الأحزاب التي ظنت أنها ستخدع الناس بالدين، وتخدع السياسيين بالسياسة، فيقولون إنهم حزب مدني بمرجعية دينية!!
وهو نفس العنوان الخادع الذي أطلقه حزب الإخوان الديني ـ حزب الحرية والعدالة ـ على مرجعيتهم، وهو الأمر الذي يذكرني بمقولة شهيرة تضمنها حوار مسرحية "حواء الساعة 12" لصاحبها الفنان المبدع المرحوم فؤاد المهندس، عندما قال للممثلة العظيمة شويكار: "إنتي موتّي" فاستنكرت شويكار هذا القول وطلبت منه أن يخفف العبارة ويقول لها: "انتقلتِ إلى الرفيق الأعلى" وكأن الانتقال إلى الرفيق الأعلى يختلف عن الموت!
وإلا فليقل لي أحدكم ما الفارق بين حزب ديني وحزب له مرجعية دينية، إلا إذا كان سيقول بيت الشعر الشهير: الأرضُ أرضٌ والسماء سماءُ.. والماء ماءٌ والهواء هواءُ.