رئيس التحرير
عصام كامل

زواج متعة بين إيران وأمريكا.. الخميني استعان بواشنطن للإطاحة بالشاه.. تنسيق في العراق وسوريا وأفغانستان.. «شعار الموت لأمريكا» خدعة سياسية.. وتصريحات ترامب خداعة للحلفاء بدول الخليج

إيران و أمريكا
إيران و أمريكا

منذ اندلاع الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979، والإطاحة بحكم الشاه، وبعد العداء الظاهري بين طهران وواشنطن، ورفع قائد الثورة روح الله الخومينى، آنذاك شعار "الموت لأمريكا" وتوارثته فيما بعد الأجيال دون علم بما يدور في الخفاء.


الموت لأمريكا
ويعد شعار "الموت لأمريكا" أكبر الخدع السياسية، وتحول إلى ركن أساسي من أدبيات إيران تحت حكم الملالي، الذي دأب على رفعه في كل مناسبة دينية وخلال صلاة الجمعة في العاصمة وباقي المحافظات، ورغم ذلك كانت معدلات الإيرانيين تتزايد من أجل الحصول على الإقامة في الولايات المتحدة عبر التسجيل في قرعة الجرين كارد.

وقد أظهرت الوثائق الإعلامية أن الخميني كان دائم التنسيق مع أمريكا، وكشفت صحيفة "الجارديان" المزيد عما تضمنته المراسلات بين الخميني والإدارة الأمريكية إبان تحضيره للعودة إلى إيران، والتي كشفت عنها أخيرًا الاستخبارات الأمريكية "CIA"، واتضح أن إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق، جيمي كارتر، مهدت لاستيلاء الخميني على السلطة، عبر منعها الجيش الإيراني من تنفيذ انقلاب عسكري، وأبدت الصحيفة وقت نشر الوثائق اندهاشها من لغة الخميني، في تناقض واضح مع أسلوب مراسلاته الأقرب للاستجداء مع الأمريكيين المتناقض تمامًا مع مظاهر العداوة التي دأب على إبرازها في كل مناسبة.

الاتفاق النووي
كان الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى على رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، في 14 يوليو الماضي، بعد أكثر من عقد من المفاوضات الماراثونية وأقدمت أمريكا على رفع اسم إيران من "محور الشر"، بالتزامن مع أحاديث عن حلف جديد بين واشنطن وطهران، ومحت السلطات الإيرانية حينها شعار "الموت لأمريكا" من الساحات العاملة ومساجد المدن الإيرانية.

العراق.. تنسيق مستمر
منذ إسقاط واشنطن نظام صدام حسين في العراق 2003، وهناك علاقات تعاون بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، ورغم العداء الظاهري والتهديات التي يشنها قادت النظام الإيراني ضد واشنطن في العراق، إلا أن التعاون بين البلدين قائم ومستمر.

وأثمر التعاون عن بناء نظام سياسي ووجود حكومة ذات أغلبية شيعية في العراق، وأصبحت الحكومة العراقية الناشئة عن هذا التنسيق تقليديًا حليفة لإيران اقتصاديًا وسياسيًا واستراتيجيًا بعلم وموافقة الإدارة الأمريكية، أضف إلى ذلك التفاهمات والتنسيق العلني بين طهران وواشنطن في ضرب تنظيم "داعش" في العراق.

وأوضحت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في تقرير سابق لها، أن إيران استطاعت استغلال الحرب التي نتجت عن الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 في العراق، فتقول إنها نجحت في تحويل العراق إلى دولة تابعة لها.

سوريا
مع اندلاع الصراع السوري، اكتفت الولايات المتحدة بلعب دور المتفرج أو الدخول متأخرا في الصراع السوري، حيث صمت وغضت الطرف رغم الإدانة الظاهرية عن الوجود الإيراني في سوريا ودعم ونقل طهران لآلاف المقاتلين إلى سوريا، وهو ما يخدم المصالح الأمريكية بتحول سوريا إلى أرض صراع تستنزف فيها كل القوى الإقليمية وبعض القوى الدولية.

أفغانستان
رغم الاتهامات الأمريكية لطهران بوجود تعاون ودعم إيراني لحركة طالبان المسلحة، إلا أن هناك تنسيقا بين واشنطن وطهران في أفغانستان عبر الجماعات الشيعية الموالية لها وأيضا علاقة النظام الإيراني بحركة طالبان.

وفي فترة الاستعداد للحرب على أفغانستان، ذكر مساعد وزير الخارجية الأمريكي ريان كروكر، أن الإيرانيين قدموا أربعة أنواع من المساعدات للأمريكان في أفغانستان، وأحاطوا ذلك بشيء من السرية المقصودة، وكانت هذه النقاط، مساعدة الجيش الأمريكي على طول الحدود مع أفغانستان وداخلها وتشمل فرق بحث وإنقاذ واستطلاع، وتقديم المساعدات الإنسانية واللوجستية المطلوبة، وتزويد الجيش الأمريكي بإحداثيات ومواقع طالبان والقاعدة ليقوموا بقصفها، وقدمت إيران خدمة الاتصال والتنسيق مع الجماعات الاثنية والعرقية الرئيسية للتفاوض معها أثناء الحرب للمساعدة في الإطاحة بحركة طالبان، وتبني دعم تحالف الشمال.

وقد عبر أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران محسن رضائي بقوله إن طريق دخول أمريكا إلى أفغانستان كان عبر إيران وكذلك طريق خلاصها، والتخلص من الأزمة الأفغانية يحتاج إلى التعامل مع إيران.

قطر وإيران
أيضا مع اندلاع أزمة مقاطعة الدول العربية الأربع "السعودية ومصر والبحرين والإمارات"، لقطر بسبب دعمها للإرهاب، بروز تحالف قوي بين الدوحة وطهران، بات واضحا الدور الرمادي الذي تلعبه الولايات المتحدة الأمريكية تجاه هذا الحلف، ولم تبد أي اعتراض وغضت الطرف عن دخول عناصر الحرس الثوري إلى الدوحة حسب المعلن، بالرغم من وجود أكبر قواعدها العسكرية -العديد- هناك.

ظريف عراب العلاقات
يعد وزير الخارجية الإيراني الحالي محمد جواد ظريف، أحد أبرز عرابي العلاقات الإيرانية الأمريكية ويحمل ختم التفاهمات السرية بين إيران وأمريكا، حيث لعب دورا كبيرا في تقارب بين واشنطن وطهران في حرب إسقاط طالبان ونظام صدام حسين، وأيضا في الاتفاق النووي الإيراني، ويتمتع بعلاقات قوية مع الاستخبارات الأمريكية وصانع القرار الأمريكي.

ترامب وإيران
رغم تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تمزيق الاتفاق النووي، إلا أن الواقع يثبت عكس ذلك، فهى مجرد تصريحات سياسية تهدف لامتصاص مخاوف إسرائيل وتطمين الحلفاء في الخليج، ومن المرجح أن تبقى الولايات المتحدة ملتزمة بالاتفاق النووي بالرغم من التصريحات العنترية لترامب.

يمكن القول إن "شعار الموت لأمريكا" لم يكن إلا خطابا شعبويا لتأثير على الداخل الإيرانى، بينما هناك تنسيق غير معلن بين طهران وواشنطن في أغلب ملفات المنطقة والتي تسعى من خلالها طهران للعب دور شرطي الخليج من جديد، ويبقى التهديد بالحرب بين الطرفين لكسب المؤيدين في كلا المعسكرين دون مواجهة حقيقية.
الجريدة الرسمية