رئيس التحرير
عصام كامل

الفيوم هدمت مبنى السكة الضيقة بعد 121 عاما لتشق طريقا فرعيا «تقرير»

فيتو

كانت الفيوم تعتمد في الماضي على "الترولة" أو كما كان يسمونها أهل الفيوم "السكة الضيقة" في تنقلاتهم بين الفيوم المدينة والقري والمراكز المختلفة، وكان يتوسط مدينة الفيوم مبني للمحطة الرئيسية بني من 121 سنة بشكل هندسي يمزج فنون العمارة الإنجليزية مع المباني السلامية في تناغم معماري رائع، كما كانت تمتلك شركة سكك حديد الفيوم مساحة شاسعة من الأراضي بجوار المبني كانت تستخدم جراجا للقطارات، استغلت بعد ذلك في إنشاء مجمع تعليمي.


قبل شهور هدمت المحافظة المبني الأثري لتشق طريقا يربط بين الحادقة وورشة جعفر عند قصر الثقافة، وضاع المبني الأثري الممتد عمره من نهابة القرن الـ 18.

يقول الخبير السياحي الدكتور نبيل حنظل: إن المعالم التي تضيع ليس لها صاحب، ولا تقع في اختصاص جهة بعينها، ولا تدخل في اختصاص إدارات التخطيط والحفاظ على المبانى التاريخية بالمحليات، ولم يكلف القانون المؤسسات التي تعنى بالثقافة والتي تهتم بالحفاظ على البيئة بصونها، لأن الآثار لا تعترف بها رغم مضى 121 عاما على إنشاء المبنى.

وأضاف حنظل أنه بدأ إنشاء مبنى سكك حديد الفيوم الضيقة عام 1896 وبدأ تسيير أول قطارات للسكة الضيقة في الفيوم عام 1900 لتربط كل اجزاء الفيوم معا وتصل إلى اعماق اعماق القرى لعصور متواليه إبان حكم الخديو عباس حلمي الثاني (1892-1914) والسلطان حسين كامل (1914-1917) والسلطان أحمد فؤاد (1917-1922) والملك أحمد فؤاد (1922-1936) والملك فاروق الأول (1936-1952) والملك أحمد فؤاد الثاني، مجلس وصاية (1952-1953) واللواء محمد نجيب (1953-1954) إلى أن توقفت الشركة عام 1958 في فترة حكم الرئيس عبد الناصر، بعد أن استمرت 60 عاما في خدمة الفيوم.

ويتابع الخبير السياحي، سميت الشركة باسم سكك الحديد الضيقة لأن المسافة بين الشريطين الحديديين كانت أضيق من المسافة بين الشريطين في سكك الحديد الحكومية، وعندما انتهت حياة الشركة عام 1958 بيعت بالمزاد قطاراتها ومحطاتها وخطوطها، وبيع الهيكل الحديدى، والكوبرى المخرق، الذي أنشأته الشركة لتمر عليه القطارات لتعبر مجرى بحر يوسف (مكان كوبرى البحارى حاليا).
 
وحرمت الفيوم من خدمات خطوط السكك الضيقة التي كانت حلقة وصل بين كل القرى والمراكز وبندر الفيوم وتنقل الناس ومتاعهم وماشيتهم وإنتاجهم الزراعى بسعر زهيد.

أما المبنى والجراج فقد بيعت لمراقبة الفيوم التعليمية (مديرية التربية والتعليم الآن) في عهد مراقبها متولي بدوي فحول البنى الرئيسى بطرازه الأوروبي إلى قسم للوسائل التعلمية، وأقام على أرض الجراج ثلاث مدارس هي النهضة الإعدادية للبنات والنور والأمل الابتدائية والتربية الفكرية، كما استغل حديد مظلات المحطة في إنشاء عنابر في المعسكر الكشفي الدولي بالسيليين.

وكانت خطوط السكك الحديدية الضيقة تنتشر في كل انحاء الفيوم في شكل مروحي طوله 165 كم. وكانت جميع الخطوط تبدأ من الفيوم وتنتهي في قرى «اللاهون - قلمشاه - الغرق - العجميين - الروضة - مدينة طامية»، وكانت هناك تفريعة من معصرة صاوي إلى سنورس.

وتنتهى قصة (الترلة) أو قطار الفيوم الزراعى أو السكة الضيقة بيعا بالمزاد، وينتهى مبناها الذي ظل صامدا لمدة 121 عاما بالهدم لشق طريق فرعي.

وطالب الدكتور نبيل حنظل بإنشاء جمعية أو موسسة شعبية يطلق عليها اسم (حراس التراث) تحصر وتسجيل المعالم التي يجب الحفاظ عليها وتكون من صلاحياتها أن تبلغ وتتصدى لأى تجاوز أو تهديد يواجه تراث الإقليم أو يشوه معالمه.
الجريدة الرسمية