رئيس التحرير
عصام كامل

أكذوبة.. هدم كل شيء بدعوى التغيير! (1)


لماذا هو حالنا؟ وما الذي أوصلنا إلى ما نحن فيه من تراجع على كل الأصعدة؟  لقد أفرزت ثورة يناير في مصر حالة احتجاج انتهازية تطلب المزايا دون أن تقدم ما يوازيها من جهد، تطلب الحقوق وتهمل الواجبات، تهدم كل شيء بدعوى التغيير حتى لو قاد مثل هذا التغيير لاختلالات في منظومة القيم ونسق المثل العليا والأخلاق المثلى.. وإلا فبم نفسر تزايد وتيرة حوادث السرقة بالإكراه والخطف والاغتصاب وزنى المحارم والقتل والتعدي على الممتلكات العامة، وانتشار سيل من البذاءات والسفاهات والتشهير والتحرش عبر الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي والتشفي حتى في الموت والمرض وربما في هزيمة المنتخب القومي في مباراة دولية مهمة أو خسارته لبطولة قارية طال شوق الجماهير إلى إحرازها في ظاهرة غير مسبوقة لم تعرفها مصر على مدى تاريخها..


حتى الشعارات التي ابتدعها من يطلقون على أنفسهم اسم "ثوار" أشاعت حالة فوضى وهدم تطال الدولة ورموزها، ناهيك عن عبارات البذاءة التي خُطت على الجدران وصفحات فيس بوك، وبدلًا من أن يكون هؤلاء الثوار طليعة أخلاقية تهدي العامة إلى الحق والرشد كرست الانقسام ودعت إلى التنابذ والجدال والمزايدة وتفجير براكين الغضب والكراهية والتشويه وليتها وقفت عند حدود مناهضة الظلم والنضال ضد الفساد والاستبداد.

لقد طفحت سنوات ما بعد ثورة يناير وحتى اليوم بممارسات غير أخلاقية أعلت خصال السلبية والأنامالية والانتهازية والمظهرية والصراع والاستهلاك النهم وافتقاد الحس الوطني والمسئولية السياسية.. وهي الآفات التي أصابت قطاعًا عريضًا من الساسة والنخبة، وهو ما أفضى إلى تكريس ثقافة النهب والتكويش وإقصاء الآخر والتجريف التي كنا نباهي بها الدنيا في مصرنا الحبيبة.

وقد ساعد على الانحطاط الأخلاقي عوامل عديدة في مقدمتها الإعلام بشتى صوره، وطائفة من شباب الجيل الجديد.. وكم كنا نرجو أن تحدث ثورة يناير تغييرًا إيجابيًا في سلوكيات وتصرفات المصريين بما يقربهم من مجتمع الفضيلة ويمكنهم من إصلاح البنية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المطلوبة، والتي دفعت الدولة لاتخاذ قرارات اقتصادية صعبة تأثر بها وعانى منها الجميع... ونكمل غدًا.
الجريدة الرسمية