داري على شمعتك!
بعد أن جربت وزارة التربية والتعليم أنظمة كثيرة ومتنوعة ومختلفة للارتقاء بالعملية التعليمية، مثل نظام التقويم الشامل، والكتلة الحرجة، وإلغاء الصف السادس الابتدائي، وإعادته، ونظام التعليم النشط، ونظام الفترات، ونظام خد وهات إلخ، وكلها أنظمة أثبتت فشلها الذريع في الارتقاء بالعملية التعليمية، توصل وزير التعليم الدكتور طارق شوقي – حفظه الله من أعين كل حاسد، وحفظ محفظته وأمواله التي يحملها في جيبه من المعلمين الحرمية، والنشالين وخفيفي اليد – إلى نظام جديد سنتفوق به على كل أنظمة العالم، خاصة النظم اليابانية والأمريكية والألمانية في التعليم، فنظامنا الجديد الذي بشر به سيادة الوزير خلال المؤتمر الأول لمعلمي المدارس الحكومية بالجامعة الأمريكية، سيكون هو النواة التي تتبعها كل الأنظمة التعليمية في العالم..
نظام سيحول الطالب المصري من مجرد طالب بسيط مجتهد أو فاشل، وأحيانا كثيرة أمي لا يعرف القراءة والكتابة، فيحوله هذا النظام الجديد – بقدرة قادر، واجتهاد وزير حالم – إلى طالب مميز ينير العالم بنور العلم، ويستطيع أن يكون مبتكرا، حيث إن الابتكارات والاختراعات بعد تطبيق نظام طارق شوقي ستكون كلها من نصيب المصريين، لن يطمع فيها أحد، ومن يريد أن يكون له نصيب فيها فليأتي إلى مصر ليتعلم ذلك النظام الجديد الذي بشر به الدكتور طارق شوقي.
كما أن هذا النظام الجديد سيكون به مميزات عديدة أهمها ميزة كشف الحرمية من المعلمين ورجال الوزارة، فتستطيع أن تضبط هذا النظام على الدرجة التي تريدها لكشف الحرامي واللص؛ لأن النظام به درجات متنوعة تبدأ بدرجة حرامي مساعد، ثم حرامي، ثم حرامي أول، ثم حرامي أول أ، ثم حرامي خبير وهو بدرجة مدير عام حرمية، وأخيرا كبير حرامية وهو بدرجة وكيل لصوص، فكل درجة من هذه الدرجات تضبط عليها الجهاز فتضيء لمبة حمراء تعلمك أن بالمكان "حرامي أول" مثلا أو كبير حرامية إلخ، وهنا يتمكن الوزير من كشف هؤلاء بسهولة وإبعادهم عن العملية التعليمية لترتقي تلك العملية وتمضي في سلام.
كذلك نجد في هذا النظام الجديد الذي بشرنا به السيد الوزير علاجًا ناجعًا لكثافة الفصول في بعض المناطق بصورة عجيبة لا يمكن أبدًا أن تخرج طالبًا جيدًا، بل تخرج طالبًا لا يعرف القراءة والكتابة، فكيف لمعلم ابتدائي يعلم 75 تلميذًا أن يعلمهم القراءة والكتابة؟! ويعالج هذا النظام ظاهرة التسرب من التعليم أو عدم الإقبال على المدارس التي صارت عنصر طرد للطلاب وليست جاذبة، كما يعالج ظاهرة الدروس الخصوصية التي تكسر ظهر رب الأسرة وتذله المذلة كلها، وتلتهم معظم دخل الأسرة، ويعالج ذلك النظام انفلات بعض مديري المدارس وتكسبهم من الزي المدرسي على حساب المواطن الغلبان، ويعالج هذا النظام انعدام ضمائر بعض المعلمين الذين لا يقومون بعملهم بما يرضي الله داخل الفصول بحجة "على قد فلوسهم" وهي حجة داحضة عند الله سبحانه وتعالى، وتفرغهم للدروس الخصوصية.
ويعالج هذا النظام الإهمال والسلبية والتسيب داخل المدارس التي تجدها غير نظيفة، ولا تحتوي على دورات مياه آدمية للأطفال أو حتى المعلمين، ويعالج هذا النظام قضية الأغذية الفاسدة للأطفال التي تكرر سنويًا دون علاج، كما يعالج هذا النظام حيرة الشعب المصري في نظام الثانوية العامة، فكل وزير يأتي بنظام مختلف ويجربه في فئران التجارب الذين يسميهم طلاب الثانوية العامة حتى ينسب له الفضل في ذلك، دون الاهتمام بما يلائم الطالب المصري، فتجد وزيرًا يقوم بإدخال نظام "البوكليت" والوزير الحالي يرى أنه غير مناسب، ويحلم بنظام جديد يريد أن يطبقه يعتمد على تقويم المعلم للطالب؛ مما سيفتح الباب على مصراعيه للدروس الخصوصية وعدم تكافؤ الفرص في ظل وجود طبقة من المعلمين لا ضمير لهم، ستجد هذا الأمر سبوبة جديدة تهدد به الطلاب في مستقبلهم.
فالنظام الذي بشر به سيادة وزير التعليم هو نظام حديث، بل أحدث النظم في مجال التربية والتعليم، لم يسمع به أي خبير في ذلك المجال وهو نظام (داري على شمعتك)، حيث ذكر سيادته المؤتمر الأول لمعلمي المدارس الحكومية بالجامعة الأمريكية، والخاص بتأهيل وتدريب المعلمين، وذلك بحضور السفير البريطاني، جون كاسن، والسفير الأمريكي السابق، ورئيس الجامعة الأمريكية، أنه من المخطط له خلال عام أن يتم إلحاق الطلاب برياض الأطفال 2018-2019 بنظام تعليمي جديد يتضمن 2 مليون طالب وطالبة، ثم وضح ذلك النظام قائلا: «إننا نعمل بنظام (داري على شمعتك) لحين الانتهاء من تنفيذ المشروع.. وطبعًا أعلن ذلك الفتح أمام السفير البريطاني والسفير الأمريكي ليدشن هذا النظام عالميًا من مصر وأمام العالم أجمع، حيث ستصبح مصر صاحبة الحق الأصيل والابتكار العالمي والاختراع العملاق وهو نظام (داري على شمعتك !) يا بختك يا مصر بمسئولينك النابهين الذين لا يكتفون بالفضائح الداخلية ولكنهم يجعلونها دولية كذلك.