الإخوان والتفاهة.. «دلال» قصة حقيقية ذات دلالة!
كان زميلي في الجامعة ابن قرية "يعبد" التابعة لمدينة "جنين" بفلسطين المحتلة يلعن حماس وأنصارها ويتهمهم بالعمالة للعدو الإسرائيلي وأنهم أسسوها خصيصًا لشق الصف الفلسطيني.. وفجأة ذات يوم نظر إلى وسألني: هل تعرف ماذا كانوا يقولون عن "دلال المغربي"؟ ثم سألني: هل تعرف "دلال المغربي" أصلا؟ ورحت أروي له قصة "دلال".. وتحول الأمر إلى جلسة أقرب إلى الحكي الشعبي.. أروي جزءًا ويروي هو جزءًا من سيرة دلال حتى بدا الدمع في عينيه..
"دلال المغربي" فتاة فلسطينية اختارها أبو جهاد ( خليل الوزير) الرجل الثاني بمنظمة التحرير الفلسطينية بعد قائدها التاريخي ياسر عرفات وكان يده اليمنى والمسئول العسكري عن المنظمة.. نقول اختارها لتؤدي عملا فدائيًا استشهاديا زلزل الكيان الصهيوني وهو الأول من نوعه وأكثرها غرابة وبطولة.. ولأن القصة طويلة وبها تعقيدات وتشابكات وتفاصيل كثيرة فسنرويها باختصار:
كانت العملية تقتضي بالتسلل إلى فلسطين المحتلة عبر الشاطئ والوصول إلى تل أبيب، على أن تنطلق العملية من شواطئ لبنان الحبيب عبر سفينة تجارية، ومنها إلى مجموعتين في قوارب مطاطية صغيرة ومنها إلى مكان بشاطئ يافا المحتلة!
وفي فجر 11 مارس 1978 على بعد 19 كيلومترًا من الحدود اللبنانية هبطت المجموعة المكونة من 13 فدائيًا ومعهم دلال التي اختارها أبو جهاد بإلحاح منها لقيادة العملية رغم التأكد من عدم عودتهم أحياء.. وانقسما إلى مجموعتين إلا أن عواصف بحرية منعت القاربين من التمكن من الوصول إلى يافا إلا بعد ما يقرب من يومين وهنا وفي أحد الشوارع استوقفوا أتوبيسًا يضم 38 إسرائيليًا وأجبروه على التوجه ناحية تل أبيب وفي الطريق استطاعوا توقيف أتوبيس آخر وأنزلوا ركابه بالأول وساروا بهم جميعًا إلى تل أبيب، وفي هذه الأثناء عرفت سلطات الاحتلال بما يجري وكان وزير الدفاع الإرهابي إيهود باراك الذي أمر بإعداد الحواجز في كل الطرق لكن المجموعة قتلت كل جنود الحاجز الأول بل الثاني والثالث ووقفت دلال تخاطب الرهائن وقالت:
لا نريد أن نؤذيكم.. أنتم تحتلون أرضنا وسنحررها لكن لنا أشقاء في سجونكم نريد تحريرهم ونعود بهم.. ووجدت يهودية من أصل يمني ترجمت لهم.. وغنت "بلادي بلادي" ولفت العلم الفلسطيني حول جسمها وهنا بدأت قوات الجيش الإسرائيلي تتعامل بالأسلحة المتوسطة والثقيلة لإنهاء العملية خوفًا من الفضيحة التي تسربت لوكالات الأنباء..
فأطلقوا القذائف على الأتوبيس غير عابئين بالرهائن اليهود فاستشهدت المجموعة الفدائية إلا اثنين استطاع أحدهما الهرب وألقي القبض عليه وآخر أصيب، فسأله باراك عن قائد العملية فأشار وهو يئن إلى دلال فقام باراك رغم استشهادها بسحلها وبجذبها من شعرها وضرب جثمانها الطاهر بأقدامه ونزع عنها علم وطنها!
ولكن ذهبت دلال ومعها رفاقها بعد أن كبدوا العدو 38 صهيونيًا وأصابوا 80 وكانت العملية تحمل اسم شهداء فلسطينيين آخرين قتلهما باراك نفسه في بيروت بعملية مجرمة ارتدى فيها زي النساء!
عدنا إلى سؤال صديقي الأول الذي قال لي: الإخوان عندنا تركوا العملية كلها بما فيها من بطولة وتضحية وفداء وشجاعة لفتاة في العشرين كانت تعيش في لبنان بلا منغصات إلا عن وطنها السليب وهي أطهر منهم جميعًا وكان سؤالهم هو: أين كانت تقضي دلال حاجتها وهي مع الرجال في عرض البحر!! ملعون أبو التفاهة!!