رئيس التحرير
عصام كامل

نقابة الشحاتين


أقصد نقابة الصحفيين، وفي الحقيقة ليس هي وحدها ولكن هكذا الحال في كل النقابات التي يسمونها مهنية، بل وفي كثير من النقابات العمالية. فالأصل أن أي نقابة تعيش على اشتراكات أعضائها، وفي بعض البلاد مثل الولايات المتحدة تستثمر النقابات هذه الأموال لزيادة دخلها، لكن يظل الأصل أنها تعيش على اشتراكات أعضائها. وماذا تفعل بهذه الاشتراكات؟


ثلاثة أمور. الأول هو صرف بدل بطالة اذا فقد عضو وظيفته. الثاني هو مساعدة العضو في البحث عن عمل مناسب. والثالث هو تنمية مهاراته حتى يمكنه تحسين شروط عمله وتوسيع الفرص أمامه، وكل ذلك بهدف زيادة أجره. الثالث هو مساندة العضو في أي نزاع مع صاحب العمل، فتدخل طرفاً في التفاوض وتحسن الشروط لهذا العضو ولكل أعضائها.

أما عندنا فالنقابات المهنية كلها لا تعتمد على اشتراكات أعضائها، ولكنها تعتمد على الجباية من أموال دافعي الضرائب. فعلى سبيل المثال نقابة المحامين تعيش على الدمغات التي يدفعها المتقاضون. ومثلها نقابة المهن السينمائية والممثلون وطبعاً نقابة الصحفيين التي تعتمد على مصدرين، الأول هو بدل التكنولوجيا الذي يتم صرفه لأعضائها من أموال دافعي الضرائب دون عمل محدد. الثاني الشحاتة على الصحفيين من رجال الأعمال والحكومة، سواءً كانت حكومة مبارك أو الإخوان.

ليس النقابات المهنية فقط ولكن يضاف إليها نقابة مثل نقابة النقل البري التي تعيش على ما تفرضه على السائقين من جباية وليس اشتراكات. ومثلها الكثير والكثير، ليس فقط النقابات ولكن مختلف الفئات مثل القضاة والشرطة، فكل الفئات تحسن أوضاعها عبر الجباية من غيرها، وليس عبر اشتراكات أعضائها.

بالطبع النقابات تستخدم أموال الجباية أو الشحاتة لتحسين أوضاع أعضائها، وذلك أفسدها وحولها الى نادي خدمات وتخفيضات. وخلق مقاومة عنيفة من الأعضاء في أن تحمي العاملين في المهنة، حتي لا يخسروا الامتيازات. وغاب دورها الأساسي وهو رفع أجر ومهارات أعضائها، وصرف بدل بطالة لهم. لذلك فتقرير مفوضي الدولة الأخير بمحكمة القضاء الإداري يعيد الأمور الى نصابها الصحيح. فقد أوصى بإصدار حكم يلزم نقابة الصحفيين بتوفير فرص عمل للمتعطلين من أعضائها أو صرف إعانة شهرية لهم لحين توفير هذا العمل.

هذا هو الدور الأساسي للنقابات، ولكنّ هناك أسبابا كثيرة أدت الى إفساده، أخطرها النخبة الفاشلة التي سيطرت على العمل النقابي في نقابة الصحفيين، والتي أصبحت هي العقبة الأكبر في طريق أي إصلاح وفي طريق أن يسترد الصحفيون نقابتهم.


الجريدة الرسمية