رئيس التحرير
عصام كامل

مضت رحلة الحج وبقيت الذكريات


ومضت رحلة الحج المباركة الميمونة بسلام والحمد لله على عظيم كرمه وفضله وتوفيقه ونسأله سبحانه وتعالى القبول.. مضت الرحلة المباركة على خير وبقت الذكريات، منها المبهج والمفرح ومنها المحزن والمؤلم، ومن الذكريات المفرحة التي سعد القلب بها وطابت النفس الصحبة الطيبة الصالحة المباركة، تلك الصحبة التي جمعت أحباب من إشراف المدينة المنورة وإشراف من مصر وتونس وجمع من المحبين والمريدين، وكم أسعدني الإحساس بالود الصادق والمحبة الخالصة المتبادلة بيننا وروح التعاون والإيثار والتفاني في خدمة بعضنا البعض، وخدمة من جاورنا من الحجيج..


وأذكر ماكان من الرجل الصالح الإنسان الجميل صاحب الحس الراقي والذوق الرفيع الشريف التونسي الدكتور الطيب أستاذ جراحة القلب بفرنسا، أذكر تواضعه الشديد وأدبه الجم ومدى تفانيه في خدمتنا وخدمة مرضى الحجيج وضعفائهم، وأذكر مدى كرمه وكرم زوجته الشريفة التونسية الفاضلة أم حبيب والشريف محمد وزوجته والجميل البشوش البسام المهندس سعيد اللبناني ومدى عطفهم ورحمتهم بالرفاق من الحجيج، ولن أنسى ابتساماتهم الجميلة التي لم تفارق وجوههم الكريمة طيلة مدة الحج ومنذ اللحظة الأولى في تأدية المناسك، بالرغم من الجهد المضني الذي بذلوه والمعاناة الشديدة أثناء أداء المناسك..

فاللهم اجزهم عنا وعن الرفاق خير الجزاء، ومن الذكريات الطيبة أيضا لقائي بأحباب من أهل المدينة المنورة وقضاء سهرات يومية في مجالس العلم والذكر والإنشاد الديني الجميل الذي يحرك الشوق في القلب ويحرك سواكن المحبة به، وكم همنا وطربنا وحلقت أرواحنا في عالم الملكوت العلوي النوراني والذي لا صخب فيه ولا نصب، وعلى أثر ذلك نطقت ألسنتنا بلسان الحال وعبرت عن ما نشعر به ونحسه فقالت:

"صفت أوقاتنا لما وردنا ذلك المعنى، وبتنا في حمى ليلى وبالمقصود قد فزنا، ومن نهوى لنا ساقي وساقي الحي ساقينا، فساقي الحي كم أحيا بكاسات وكم أفنى، فإن تفهم فكن معنا وإلا فأترك المعنى، فمن هام بمعناها فلا عار إذا غنى فقد زال العنا عنا فيا قلبي لك البشري، ألا يا سادتي نظرة لمن قد كان في الحضرة".

هذا ومن الذكريات الطيبة صحبة المهندس سعيد والذي قطع نفسه في المدينة لخدمتي بروحه حبا في الله والصلاة معه في الروضة الشريفة، وزيارة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم والجلوس أمام القبة الخضراء الشريفة، وزيارة سيدنا حمزة سيد الشهداء، وشهداء أحد رضى الله عنهم وزيارة أهل البقيع بالمدينة، وزيارة أمنا الكريمة العظيمة حاضنة الرسالة والرسول أم المؤمنين السيدة خديجة بالحجون بمكة المكرمة، والصلاة في مسجد قباء والذي أشار النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بأن صلاة ركعتين فيه تعدل عمرة..

ومن الذكريات الطيبة أيضًا لقائي بعلماء ومشايخ من المدينة المنورة من دول وأجناس شتى ومذاكرة علوم الدين معهم، وكم كانت مجالس رائعة ممتعة للروح والقلب، ومن الذكريات الطيبة أيضًا طوافي ببيت الله الحرام والسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة والسهرات الجميلة أثناء مبيتنا في مني..

هذا ومن الذكريات المؤلمة التي أحزنتني وألمتني جهل الكثيرون من الحجيج بالمناسك والآداب المتعلقة بحرمة الأماكن المقدسة، فهناك منهم من يعلو صوته في الحرم النبوي الشريف، ومنهم من يدفع الآخرين بقوة لكي يصل إلى الحجر الأسعد، ومنهم من يتشاجر أثناء الطواف ويتفوه بألفاظ لا تليق بمسلم ولا تجوز وخاصة في هذا المكان المقدس وأثناء تأدية المناسك، ومن المؤلم والمحزن أيضا استغلال أصحاب الفنادق وسائقي التاكسي للحجيج والمبالغة في الأسعار وعدم وجود مراقبة من المسئولين السعوديين عليهم.. المهم أكرمنا الله تعالى في هذه الرحلة المباركة وجمعنا بصالحين سعدنا بهم وكانت بحق صحبة طيبة، وفي الختام أسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل من الحجيج وأن يكتبها لكل مشتاق لحج بيته وزيارة الحبيب صلى الله عليه وعلى آله وسلم..
الجريدة الرسمية